المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٤٧
خطأ أو أفسد متاعا فلزمه دين ثم أسره العدو ثم أسلموا عليه فهو لهم لقوله صلى الله عليه وسلم من أسلم على مال فهو له ثم الجناية تبطل عنه والدين يلحقه لان حق الجناية في رقبته ولا يبقى بعد زوال ملك المولى ألا ترى أنه لو زال ملكه بالبيع والهبة لا يبقي فيه حق ولى الجناية فأما الدين في ذمته يبطل عنه بزوال ملك المولى كما لا يبطل ببيعه وهذا لان الدين في ذمة العبد يجب شاغلا لماليته فإنما يملك العدو ماليته مشغولة بالدين كما أسروه ولهذا يبقى الدين عليه بعدما أسلم ولو اشتراه رجل منهم أو أصابه المسلمون في غنيمة يأخذه المولى بالقيمة أو الثمن فان الجناية والدين يلحقانه لأنه يعيده بالأخذ إلى قديم ملكه وحق ولى الجناية كان ثابتا في قديم ملكه وسيأتي بيان هذا الفصل وان كانت الجناية قتل عمد لم يبطل ذلك عنه بحال لان المستحق عليه نفسه قصاصا فلا يبطل ذلك بزوال ملك المولى كما لو باعه أو أعتقه بعد ما لزمه القصاص (قال) ولا ينبغي للامام أن ينفل أحدا مما قد أصابه إنما النفل قبل احراز الغنيمة أن يقول من قتل قتيلا فله سلبه ومن أصاب شيئا فهو له وقد كان يستحب ذلك للاغراء على القتال وهذا الكلام يشتمل على فصول أحدها أن القاتل لا يستحق السلب بالقتل عندنا من غير تنفيل الامام وقال الشافعي رحمه الله تعالى إذا قتله مقبلا بين الصفين على وجه المبارزة استحق سلبه واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم يوم بدر من قتل قتيلا فله سلبه فمثل هذا اللفظ في لسان صاحب الشرع لبيان السبب كقوله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه فظاهره لنصب الشرع فإنه صلى الله عليه وسلم بعث لذلك وفى حديث أبي قتادة رضى الله تعالى عنه قال أصاب المسلمين جولة يوم حنين فلقيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فأتيته من ورائه وضربته على حبل عاتقه ضربة فأقبل على وضمني إلى نفسه ضمة شممت منها رائحة الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول من قتل قتيلا فله سلبه فقلت من يشهد لي فقال رجل صدق يا رسول الله سلب ذلك القتيل عندي فأرضه عنى فقال أبو بكر رضى الله تعالى عنه لاها الله أيعمد أسد من أسد الله فيقتل عدو الله ثم يعطيك سلبه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان القتل منه قبل مقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعطاه سلبه فظهر أن الاستحقاق بالقتل لا بالتنفيل ولان القاتل أظهر فضل عناية على غيره بمباشرة القتل فيستحق في الاستحقاق كالفارس مع الراجل
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست