المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٤٠
يوسف لاخوته لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين أنتم الطلقاء لكم أموالكم وصح أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر فذلك دليل أنه صلى الله عليه وسلم دخلها مقاتلا وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته ان مكة حرام حرمها الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض وانها لم تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة وإنما مراده حل القتال فيها فدل أنه دخلها مقاتلا وفى قوله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح يشهد لما قلنا ونزول قوله تعالى وهو الذي كف أيديهم في صلح الحديبية ألا ترى إلى قوله تعالى والهدي معكوفا ان يبلغ محله وإنما لم يضع الخراج على أراضيهم لان الأراضي تابعة للرقاب ولم يضع الجزية على رقابهم إذ لا جزية على عربي ولا رق فكذلك لا خراج على أراضيهم فإذا ظهر انها فتحت قهرا اتضح مذهبنا في المسألة التي قلنا وعلى سبيل الابتداء في تلك المسألة فالشافعي رحمه الله تعالى يقول قد تأكد حق الغانمين في الأراضي أما عندي فقد ثبت الملك لهم بنفس الإصابة وعندكم تأكد الحق بالاحراز فقد صارت محرزة بفتح البلدة واجراء أحكام الاسلام فيها وفى المن ابطال حق الغانمين عما تأكد حقهم فيه والامام لا يملك ذلك كما إذا استولى على الأموال بدون الأراضي لم يكن له أن يبطل حق الغانمين عنها بالرد عليهم بخلاف الرقاب فالحق في رقابهم لم يتأكد بدليل أن له أن يقتلهم فكذلك يكون له أن يمن على رقابهم بجزية يأخذها منهم ثم حق مصارف الخمس ثابت بالنص وفى المن ابطال ذلك ولهذا قلت اما تخمس الجزية لان الخمس من الرقاب كان حقا لأرباب الخمس فيثبت حقهم في بدل ذلك وهو الجزية وعلماؤنا رحمهم الله تعالى يقولون تصرف الامام وقع على وجه النظر وانه نصب لذلك وبيانه أنه لو قسمها بينهم اشتغلوا بالزراعة وقعدوا عن الجهاد فيكر عليهم العدو وربما لا يهتدون لذلك العمل أيضا فإذا تركها في أيديهم وهم أعرف بذلك العمل اشتغلوا بالزراعة وأدوا الجزية؟ والخراج فيصرف ذلك إلى المقاتلة ويكونون مشغولين بالجهاد وبهذا تبين أنه ليس في هذا ابطال حقهم بل فيه توفير المنفعة عنهم لان منفعة القسمة وان كانت أعجل فمنفعة الخراج أدوم ولأنه كما ثبت الحق فيها للذين أصابوا ثبت لمن يأتي بعدهم بالنص قال الله تعالى والذين جاؤوا من بعدهم وفى القسمة ابطال حق من يأتي بعدهم أصلا وفى المن عليهم مراعاة الحقين جميعا وإنما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر لحاجة لأصحابه رضي الله عنهم كانت
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست