مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٥٠٥
بخزنة الكعبة وليست من باب النذور ولكن ذكرها في المدونة فيه فتبعه المصنف كغيره من أهل المذهب.
ولما تعرض المصنف لهذه المسألة فلا بأس أن نبسط القول فيها ونذكر ما يتعلق بها من المسائل والاحكام تتميما للفائدة إذ ليس لها محل غير هذا فأقول: الخزنة جمع خازن وخزنة الكعبة هم بنو شيبة. يقال لهم خزنة وسدنة وحجبة منصبهم يقال له: حجابة وسدانة وخزانة بكسر الخاء. قال المحب الطبري في الباب الثامن والعشرين من كتاب القربى: الحجابة منصب بني شيبة ولاهم رسول الله (ص) إياها كما ولى السقاية لعمه العباس رضي الله عنه، وصح في الحديث أن النبي (ص) قال: إلا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية فهي تحت قدمي إلا سقاية الحاج وسدانة البيت والمأثرة المكرمة والمفخرة التي تؤثر عنهم أي تروى عنهم ونذكر، والمراد والله أعلم إسقاطها وحطها إلا هاتين المأثرتين وسدانة البيت خدمته وقولي أمره وفتح بابه وإغلاقه، يقال: سدن يسدن فهو سادن والجمع سدنة. ثم ذكر أن النبي (ص) لما دخل مكة عام الفتح قال لعثمان بن طلحة: ائت بالمفتاح قال: فأتيته به ثم دفعه إلي وقال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم. ثم قال: ولم يزل عثمان يلي البيت إلى أن توفي فدفع ذلك إلى شيبه بن عثمان بن أبي طلحة وهو ابن عمه فبقيت الحجابة في بني شيبة. ثم ذكر عن ابن عبد البر أن النبي (ص) دفع المفتاح يوم الفتح إلى عثمان بن أبي طلحة وإلى ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وقال: خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم. قال:
ثم نزل عثمان المدينة فأقام بها إلى أن توفي رسول الله (ص)، ثم انتقل إلى مكة فسكنها حتى مات في أول خلافة معاوية رضي الله عنه سنة اثنين وأربعين. وقيل: قتل بأجنادين. ثم ذكر عن الواحدي أن أخذ المفتاح من عثمان ورده إليه ونزول الآية بالامر برده كان عثمان كافرا انتهى.
قلت: والأول هو الذي تدل عليه الأحاديث. وأجنادين بفتح الهمزة وفتح الدال المهملة، ومنهم من يكسرها، وهو موضع بالشام كانت به وقعة مشهورة بين المسلمين والروم. وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات في ترجمة عثمان بن أبي طلحة: أسلم مع خالد بن الوليد وعمرو بن العاص في هدنة الحديبية وشهد فتح مكة ودفع النبي (ص) مفتاح الكعبة إليه وإلى ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وقال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم. ونزل عثمان المدينة ثم مكة وروى عن النبي (ص) وتوفي بمكة سنة اثنتين وأربعين. وقيل: قتل يوم أجنادين وقتل أبو طلحة وعمه عثمان بن أبي طلحة يوم أحد كافرين.
وذكر المحب الطبري في آخر كلام الواحدي أنه جاء جبريل وقال: ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان. زاد الواحدي في أسباب النزول: وهو اليوم في أيديهم. وقال المحب الطبري: وقوله: خالدة تالدة لعله من التالد وهو المال القديم أي أنها لكم من أول ومن آخر أو يكون اتباعا لخالدة بمعناها. قال العلماء: لا يجوز لاحد أن ينزعها منهم قالوا: وهي ولاية
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»
الفهرست