مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٣١٢
تنبيه: قال ابن الحاجب: والاجماع على إباحة المذكى المأكول فقال المصنف: والمراد بالمأكول المباح فيصير تقدير كلامه وإباحة المذكى المباح وذلك غير سديد انتهى. وسبقه إلى ذلك ابن عبد السلام. وقال ابن عرفة: الحيوان المأكول ذو النفس السائلة إن ذكي أو كان بحريا غير خنزير وطافيه حلال وغيره ميتة حرام لغير مضطر إجماعا فيهما غير الأخيرين وذي نفس غير سائلة. وقول ابن عبد السلام مرادهم بالمأكول ما أبيح أكله، فقول ابن الحاجب أجمعوا على إباحة المذكى المأكول غير سديد لأن تقديره أجمعوا على إباحة أكل المذكى المباح الاكل يرد بأن مرادهم به ما أبيح أكله بتقدير ذكاته لأنهم يطلقونه عليه حيا. وجواب ابن هارون بأن مراده ذكر الاجماع على إعمال الذكاة يرد بأنه وإن سلم على بعده لا يرفع ما ادعى من قبح تركيب كلامه انتهى. وقوله لأنهم يطلقونه عليه حيا أي يطلقون المباح على الحيوان حالة كونه حيا والله أعلم. وحكمة مشروعيته إزهاق الروح بسرعة واستخراج الفضلات، ولما قضى الله على خلقه بالفناء وشرف بني آدم بالعقل أباح لهم أكل الحيوان قوة لأجسامهم وتصفية لمرآة عقولهم وليستدلوا بطيب لحمها على كمال قدرته وليتنبهوا على أن للمولى بهم عناية إذ آثرهم بالحياة على غيرهم. قاله في التوضيح.
وأركان الذكاة أربعة: الذابح والمذبوح والمذبوح به والصفة والله أعلم. وجعل المصنف الذكاة ثلاثة أنواع: ذبح ونحر وعقر. فالذبح والنحر للحيوان أن المتأنس والعقر للمتوحش.
وقال في الذخيرة: هي خمسة أنواع: العقر في الصيد البري ذي الدم وتأثير الانسان في الجملة بالرمي في الماء أو قطع الرؤوس والأرجل أو الأجنحة في الجراد ونحوه من غير ذي الدم. وذبح في الغنم ونحر في ذي النحر وتخيير في البقر مع أفضلية الذبح. وبدأ المصنف بالكلام على النوع الأول أعني الذبح مشيرا إلى شروط الذابح فقال: الذكاة قطع ميز يناكح يعني أنه يشترط في الذبح شرطان: الأول أن يكون مميزا فلا تصح ذكاة غير المميز من صبي أو مجنون أو سكران. قال في التوضيح: لافتقار الذكاة إلى نية بإجماع والنية لا تصح منهم فلا تصح ذكاتهم انتهى. وقال ابن رشد: لأن شرط التذكية النية وهو القصد إلى الذكاة وهي لا تصح ممن لا يعقل. وقال ابن عبد السلام: ومن كتاب ابن المواز وغيره: ولا تؤكل ذبيحة من لا يعقل من مجنون أو سكران وإن أصابا لعدم القصد. واعلم أنه لا بد في الذكاة من النية، وحكى بعضهم الاجماع على ذلك فلذلك لم تصح ذكاة المجنون والسكران. وهذا إذا كان الجنون مطبقا وكذلك السكران، وأما لو ذكى المجنون في حال إفاقته أو كان ممن يفيق فإنها تؤكل، وإن كان السكران يخطئ ويصيب فأشار بعض الشيوخ إلى أنه يختلف في تذكيته انتهى.
وجعل صاحب البيان السكران الذي يخطئ ويصيب ممن يكره ذبحه وتبعه في الشامل.
الشرط الثاني أن يكون يناكح بفتح الكاف أي يجوز للمسلم أن يتزوج منهم فيشمل كلامه الكتابي. وفي المدونة في كتاب الذبائح: تجوز ذبيحته ذميا كان أو حربيا ونصها: وذبيحة
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست