مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٧١
وعرفة. وكذلك عند مالك حكم الحاج من أهل مكة يقصرون بعرفة ومنى لتقصيرهم مع النبي (ص)، وكذلك أهل عرفة ومنى بمكة لخطبة عمر أهل مكة بالتمام دونهم. وذهب أبو حنيفة والشافعي وجماعة من العلماء إلى أن أهل مكة بمنى وعرفة وأهل عرفة ومنى بمكة يتمون كغير الحاج منهم إذ ليس في المسافة مدة قصر الصلاة، وحجتنا ما تقدم من السنة والاتباع، ولان فتكرار مشاعر الحج ومناسكه مقدار المسافة التي فيها قصر الصلاة عند الجميع انتهى.
وقال القرطبي في شرح مسلم في كتاب الصلاة في باب قصر الصلاة بمنى: وعند مالك أن حكم الحاج من أهل مكة أنهم يقصرون بمنى وبعرفات وكذلك أهل عرفة بمنى ومكة يقصرون، وخالفه في ذلك أبو حنيفة والشافعي. ثم قال: فأما أهل تلك المواضع فلا خلاف أحسبه في أن كل واحد منهم يتم بموضعه وإن شرع في عمل الحج لأنهم في أهليهم انتهى..
وقال في المدونة: ويتم أهل منى بمنى وأهل عرفة بعرفة وكل من لم يكن من أهلها فليقصر الصلاة بها. قال ابن هارون: يريد وإن كان من أهل مكة. وهذا إذا لم يكن الامام من أهل عرفة ولا منى، فإن كان منها أتم وأتم الناس معه. وكره مالك أن يكون بغيرها من أهلها لأنه يغير سنة القصر. وفي الاكمال: مذهب مالك والأوزاعي أن الحاج يقصر الصلاة مطلقا إلا أهل مكة بمكة وأهل منى بمنى وأهل عرفة بعرفة إلا الامام فإنه يقصر وإن كان من سكان هذه المواضع. ثم قال: وفيما حكاه عن مذهب مالك نظر انتهى. ووجه النظر واضح لأنه نص في المدونة على خلافه قال: ولا أحب للامام أن يكون من أهل عرفة فإن كان منها أتم الصلاة بها، قال ابن هارون: يريد ويتم الناس انتهى. وما نقله عن الاكمال هو في كتاب الحج منه ونصه: ذهب مالك إلى أن الحاج المكي يقصر ولا يقصر العرفي بعرفة ولا المنوي بمنى إلا أن يكون إماما فإنه يقصر. وذهب بعض السلف إلى أن الجميع يتمون إذ ليسوا على مسافة القصر انتهى. وانظر قوله وذهب بعض السلف إلى أن الجميع يقصرون مع قول القرطبي المتقدم ولا خلاف أحسبه في أن كل واحد منهم يتم بموضعه وإن شرع عمل الحج لأنهم في أهليهم والله أعلم.
ونقل ابن عرفة عن الباجي أن العرفي لا يقصر بعد رجوعه من عرفة. ونص كلام ابن عرفة في كتاب الصلاة: ويقصر كل حاج حتى المكي إلا المنوي والعرفي بمحلهما.
الباجي: لأن عمل الحج إنما يتم في أكثر من يوم وليلة مع لزوم الانتقال من محل لآخر، ولان الخروج من مكة لعرفة والرجوع لها واجب لازم فلفق ولذا لا يقصر عرفي بعد وقوفه وتوجهه لمكة ومنى لأن رجوعه لعرفة لوطنه فلا يضم انتهى. والذي في كلام الباجي أنه
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست