مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٧٦
يومين فقد تقدم أن له حكم المقيم. وإن قدم قبل الحج لأقل من أربع ليال ولكن نيته أن يقيم بعد الحج أربعا، فالذي اختاره اللخمي أن له حكم السفر حتى يرجع للإقامة إلى مكة والله أعلم. ونص كلامه في تبصرته: قال محمد بن مسلمة فيمن قدم مكة يريد المقام بها وهو يريد الحج وليس بينه وبين الخروج إلى منى إلا أقل من أربعة أيام: إنه يقصر حينئذ حتى يرجع إلى مكة بعد حجه لأنه إنما قدم مجتازا يريد المقام بعد الرجعة. وقال مالك في مختصر ما ليس في المختصر: يتم الصلاة بمكة قبل الخروج. والقول الأول أبين ولا تضم إقامته الأولى إلى ما بعدها كما لا يضم السفر الأول إلى ما بعده إذا كان بينهما إقامة أربعة أيام انتهى. ونقله ابن عرفة وابن ناجي وسند وغيرهم ونص كلام سند في كتاب الصلاة الثاني في باب القصر. فرع: روى ابن نافع عن مالك في حاج أقام بمكة - حرسها الله - يتم ثم خرج إلى منى وعرفة فقصر ثم عاد إليها يريد بها إقامة يوم أو يومين ثم يسير إلى بلده، فإنه يتم بها قال: ولو كان لما وصل لم يرد أن يقيم بها فليقصر الصلاة إن مر بها. ففرق ب ين أن يخرج منها على نية العود إليها ثم يسافر فيكون سفره الثاني غير سفره الأول، أو يكون عوده إليها قاطعا بين السفرين، أو يخرج عنها على نية السفر بالكلية لا تبقى له حاجة فيكون سفرا واحدا في سرية عليها وليس له بها مسكن ولا أهل انتهى. وانظر هل تتخرج هذه المسألة على مسألة من أقام بمكة بضعة عشر يوما ثم خرج ليعتمر من الجحفة ويقيم يومين، فقد اختلف فيها قول مالك فقال: إنه يتم في اليومين ثم رجع إلى أن يقصر وهو المشهور في الظاهر أنه لا يتخرج لأنه قد حصل هناك سفر طويل يقطع حكم الإقامة، وهنا لم يحصل سفر طويل وإنما حصل القصر بالسنة. وقد قال ابن يونس في تلك المسألة:
ولو خرج ليعتمر من الجعرانة أو التنعيم أو نحو ذلك مما لا تقصر فيه الصلاة فإن يتم بلا خلاف والله أعلم.
تنبيهات: الأول: من تعجل وأدركته الصلاة في الطريق، هل يتم أم لا؟ لم أر من نص عليه، وانظر هل يتخرج فيه القولان اللذان في غير المتعجل أو لا. أما على توجيه ابن رشد لهما فيتخرجان وهو ظاهر كلام التلمساني في شرح الجلاب، وأما على توجيه الباجي لهما فلا يتخرجان والاتمام أحوط.
الثاني: محل الخلاف في النازل في المحصب في الصلوات التي شرع له إيقاعها في المحصب وهي الظهر والعصر والعشاء ولا إشكال في ذلك، وانظر هل يدخل الخلاف في الثالث أيضا في حق المقيم بمنى فإنه صرح في النوادر بالظهر وظاهر كلامهم الشمول والله أعلم.
الثالث: من أدركته الصلاة من الحاج وهو في غير مواضع النسك كالرعاة إذا رموا الجمرة وتوجهوا للرعي، فالظاهر من كلامهم أن حكمهم حكم الحجاج والله أعلم.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست