مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٩٧
مكة بثلاث ليال، وذهب مالك والشافعي وجماعة إلى أنه ليس بشرط ويلزمها الحج دونه لكن الشافعي في أحد قوليه يشترط أن يكون معها نساء ولو كانت واحدة تقية مسلمة وهو ظاهر قول مالك على اختلاف في تأويل قوله: تخرج مع رجال ونساء هل بمجموع ذلك أم في جماعة من أحد الجنسين؟ وأكثر ما نقله عند أصحابنا اشتراط النساء. وقال ابن عبد الحكم: لا تخرج مع رجال ليسوا منها بمحرم ولعل مراده على الانفراد دون النساء فيكون وفاقا لما تقدم عندنا. وتأول صاحب الطراز قول ابن عبد الحكم على ما تأوله عليه القاضي عياض وحمله على الكراهة. وحمله اللخمي على الخلاف وأنه يقول: لا تخرج إلا مع زوج أو محرم واختاره.
تنبيهات: الأول: تحصل من كلام القاضي عياض ثلاثة أقوال: أحدها اشتراط المجموع.
الثاني الاكتفاء بأحد الجنسين. الثالث اشتراط النساء سواء كن وحدهن أو مع رجال وهو ظاهر الموطأ كما تقدم. وظاهر كلام القاضي عياض أن المرأة الواحدة تكفي في ذلك وهو ظاهر كلام صاحب الذخيرة، وأما كلام المصنف فلا يفهم منه إلا قولان: الاكتفاء بأحد الجنسين واشتراط المجموع. ولذلك كرر الباء في قوله: أو بالمجموع. ويظهر من كلام صاحب الاكمال أن هذه تأويلات. على المدونة فكان الأليق بقاعدة المصنف أن يقول تأويلان والله أعلم.
الثاني: يؤيد القول بالاكتفاء بأحد الجنسين في كون البراذعي وابن يونس اختصرا المدونة بأو كما تقدم في كلامهما، وتبعهما على ذلك ابن المنير في مختصره الذي اختصر فيه التهذيب. قال في مختصر الواضحة: فإن لم يكن ذو محرم فمع جماعة نساء صوالح، فإن لم تجد ذا محرم ولا جماعة من النساء جاز لها أن تخرج مع جماعة من الحاج شابة كانت أو عجوزا، وعليها حفظ نفسها ودينها وهذا في حج الفريضة انتهى.
الثالث: لو ترك المؤلف قوله: أو بالمجموع لكان أحسن لايهام كلامه أنه داخل في التردد ولا تردد فيه. ولو قال: وفي الاكتفاء بنساء أو رجال تردد أو وهل رجال أو نساء أو المجموع تردد لكان أحسن ويكون ضمير هي راجعا إلى الرفقة المتقدمة، وفي كلام البساطي إشارة إلى ذلك والله أعلم. ص: (وصح بالحرام وعصى) ش: يعني أن الحج يصح بالمال الحرام ولكنه عاص في تصرفه في المال الحرام. قال سند: إذا غصب مالا وحج به ضمنه وأجزأه حجه وهو قول الجمهور انتهى. ونقله القرافي وغيره. نعم من حج بمال حرام فحجه غير مقبول كما صرح به غير واحد من العلماء كما ستقف عليه إن شاء الله، وذلك لفقدان شرط القبول لقوله تعالى: * (إنما يتقبل الله من المتقين) * ولا منافاة بين الحكم بالصحة وعدم القبول لأن أثر القبول
(٤٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 ... » »»
الفهرست