مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٩٤
سفرا نهى عنه المرأة بغير زوج ومحرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوما أو بريدا أو غير ذلك، كرواية ابن عباس المطلقة وهي إحدى روايات مسلم: لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرا والله أعلم. انتهى من شرح مسلم في كتاب الحج، وقال في الاكمال: وقد يمكن أن يلفق بينها بأن اليوم المذكور مفرد أو الليلة المذكورة مفردة بمعنى الليلة واليوم المجموعين لأن الليل من اليوم واليوم من الليل ويكون ذكره يومين مدة مغيبها في هذا السفر في السير والرجوع، فأشار مرة لمدة السفر ومرة لمدة المغيب وهكذا ذكر الثلاث، فقد يكون اليوم الوسط الذي بين السفر والرجوع الذي تقضي فيه حاجتها فتتفق على هذا الأحاديث، وقد يكون هذا كله تمثيلا لأقل الاعداد للواحد إذ الواحد أول العدد وأقله الاثنان أول الكثرة وأقلها والثلاث أول الجمع فكأنه أشار إلى مثل هذا في قلة الزمن لا يحل لها السفر فيه مع غير ذي محرم فكيف بما زاد؟ ولهذا قال في الحديث الآخر: ثلاثة أيام فصاعدا انتهى.
وقال القاضي عبد الوهاب في شرح قول الرسالة: ولا ينبغي أن تسافر المرأة مع غير ذي محرم منها سفر يوم وليلة. والفرق بين ما دون اليوم والليلة وبينهما هو أنها لو منعت من السفر والسير في الأرض جملة إلا مع ذي محرم لشق ذلك عليها وضاق وأدى إلى فوات أكثر حوائجها، وكأن الكثير ممنوعة منه فاحتيج إلى مدة تضرب للفرق بين القليل والكثير فوجدنا اليوم أو الليلة أول حد ضرب لتغير هيئة من هيئات السفر وهي القصر والفطر والصلاة على الراحلة فاعتبر سفر المرأة به انتهى. وقال الجزولي: ولا ينبغي أي لا يجوز. وانظر قوله: يوم وليلة هل له مفهوم وأنه إذا كان أقل يجوز أن تسافر مع غير ذي محرم فيكون معارضا لقوله:
ولا يخلو رجل وامرأة ليست منه بمحرم إلى آخره أم لا مفهوم له؟ قال الفقيه أبو عمر: إنما تكلم هنا على الجماعة. فقال: لا يجوز أن تسافر مع الجماعة أكثر من يوم وليلة ويجوز أن تسافر معهم أقل من ذلك، وأما مع الواحد فلا يجوز مطلقا. ثم قال: قال أبو عمر بن عبد البر:
ورد في الباب أحاديث مختلفة فذكرها ثم قال: اختلاف الجواب على اختلاف السؤال.
والصحيح أن لا تسافر معه يعني غير المحرم أصلا. قال عبد الوهاب: أما أقل من يوم وليلة فيجوز أن تسافر مع غير ذي محرم منها ثم قال: وهذا الذي قاله عبد الوهاب إذا كانوا جماعة وأما مع الواحد فلا انتهى. وقال الشيخ يوسف بن عمرو الزناتي كلام عبد الوهاب المتقدم فتحصل من سفرها أقل من يوم وليلة قولان، والظاهر ما قاله في التوضيح وغيره والله أعلم.
الثاني عشر: قال في التوضيح: قوله عليه الصلاة والسلام: لا يحل لامرأة نكرة في سياق النفي فتعم وهو قول الجمهور. وقال بعض أصحابنا: تخرج منه المتجالة لأنها كالرجل ورد بأن الغلوة بها ممنوعة انتهى. وقال ابن فرحون: قول المؤلف المرأة تدخل فيه الشاب والمتجالة وهو قول الجمهور. وقال ابن راشد: إن كانت متجالة أو ممن لا يؤبه به لم تمنع من الخروج يريد بخلاف الشابة. ثم نقل كلام التوضيح. وما ذكر في التوضيح من الرد غير ظاهر لأنه
(٤٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 ... » »»
الفهرست