مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٩٠
الخروج منها إلى بلد الاسلام وإن لم يكن معها ذو محرم خلافا لأهل العراق في قولهم إن فرض الحج يسقط عنها بعدم المحرم. وقول مالك أصح لأنه يخصص من عموم الحديث الهجرة من بلد الحرب بالاجماع وحج الفريضة بالقياس على الاجماع انتهى. وقال التلمساني في شرح جامع الجلاب: وأما سفر الحج فإنها تسافر مع جماعة النساء إذا لم يكن لها محرم، قال الأبهري: لأنها لو أسلمت في دار الحرب لوجب عليها أن تخرج مع غير ذي محرم إلى دار الاسلام. وكذا إذا أسرت وأمكنها أن تهرب منهم يلزمها أن تخرج مع غير ذي محرم فكذلك يلزمها أن تؤدي كل فرض عليها إذا لم يكن لها ذو مرحم من حج أو غيره انتهى. ونقله القرافي في شرحه أيضا، وذكر ابن عرفة في الزنا على القول بتغريب المرأة إن لم يكن لها ولي تخرج في جماعة رجال ونساء كحج الفرض، وإلى هذا أشار المصنف بقوله: كرفقة أمنت بفرض أي فإن لم يكن لها محرم ولا زوج فيجب عليها الخروج للحج الفرض في رفقه مأمونة. لكن ظاهر كلام المصنف يقتضي أن المطلوب في حقها وجود زوج أو محرم أو رفقة مأمونة. فمن وجد من الثلاثة خرجت معه. وظاهر النقول التي وقفت عليها أنها إنما تخرج مع الرفقة المأمونة عند عدم الزوج والمحرم أو امتناعهما. قال مالك في الموطأ في الضرورة من النساء التي لم تحج قط: إنها إن لم يكن ذو محرم يخرج معها أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها أنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج ولتخرج في جماعة من النساء انتهى. وقال ابن الحاجب:
فإن أبى أو لم يكن فرفقة مأمونة. انتهى ونحوه في المدونة والرسالة وغيرهما وسيأتي كلام المدونة.
تنبيهات: الأول: إذا امتنع الزوج أو المحرم من الخروج معها إلا بأجرة فهل يلزمها ذلك أو تخرج مع الرفقة المأمونة؟ لم أر فيه نصا. وقال ابن جماعة الشافعي في منسكه الكبير: إن مقتضى مذهب المالكية أن الأجرة تلزمها.
قلت: أما مع عدم الرفقة المأمونة فلا شك في لزوم ذلك لها، وأما مع وجود الرفقة المأمونة فظاهر النصوص لزوم ذلك لها أيضا لأنهم لم يجيزوا لها الخروج مع الرفقة المأمونة إلا عند امتناعه من الخروج، وحيث طلب الأجرة وكانت قادرة عليها فلا يصدق عليه إنه امتنع وفي كلام ابن رشد في رسم إن خرجت مع سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات: إنه يجوز للزوج والمحرم أخذ الأجرة على الخروج معها والله أعلم.
الثاني: تقدم أن المحرم يشمل المحرم من النسب والرضاع والصهر واختلف في عبد فقيل:
إنه محرم. وقال ابن القطان: إنه الصحيح. وقيل: ليس بمحرم ورجحه ابن الفرات وهو الظاهر.
وقيل: إن كان وغدا وعزاه ابن القطان لمالك وابن عبد الحكم وابن القصار. قال ابن فرحون:
واختلف هل يكون عبدها محرما يخلو بها ويسافر معها فيه قولان. وعلى القول بالجواز فهل يشترط أن يكون وغدا وبه قال مالك. أو لا يشترط ذلك ذهب القاضي إسماعيل وغيره إلى
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»
الفهرست