مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٨٦
من عدم لزومها المشي من المكان البعيد هو المنصوص كما تقدم بيانه، والقول بلزوم المشي لها ولو كان المكان بعيدا. قال في التوضيح: خرجه اللخمي من مسألة المشي من قول مالك في المدونة في الحانث والحانثة والمشي على الرجال والنساء سواء انتهى. قال في تبصرته: لأن الوفاء بحجة الفريضة آكد من النذر انتهى. قال في التوضيح: وقد يفرق بين ذلك بأنها لو كلفت بالمشي في الحج لزم منه عموم الفتنة والحرج بخلاف النذر فإنها صورة نادرة وقد ألزمت نفسها ذلك بيمينها.
ألا ترى أن الانسان إذا لم يكن عنده إلا قوت يوم الفطر لا يلزمه إخراجه في زكاة الفطر ولو نذر إخراجه لزمه انتهى. وظاهر كلام المؤلف أنه لا يجب عليها المشي من المكان البعيد ولو كانت متجالة وهو كذلك على إطلاق كلام مالك المتقدم. وقال في الاكمال: لا خلاف في وجوب الحج على المرأة كالرجل إذا استطاعت، وأن حكمها حكمه في الاستطاعة على اختلاف العلماء فيها إلا أن الحج لا يلزمها إذا قدرت على المشي عندنا بخلاف الرجل لأن مشيها عورة إلا فيما قرب من مكة انتهى. فظاهره أيضا الاطلاق. وقال اللخمي بعد أن ذكر التخريج على قول مالك في المدونة. وذكر بعده كلام مالك في كتاب محمد ما نصه: وهذا يحسن في المرأة الرائعة والجسيمة ومن ينظر لمثله عند مشيها وأما المتجالة ومن لا يؤبه بها من النساء فيجب عليها كالرجل انتهى. فيكون قوله هذا ثالثا وكذا جعله ابن عرفة فقال: وفي كون مشيها من بعد كالرجل أو عورة ثالثها إن كانت غير جسيمة ورائعة للخمي عن قوله فيها نذر المشي عليهما سواء. ورواية محمد واللخمي ورد ابن محرز الأولين للثالث انتهى. فيكون وفاقا. وكذا قال البساطي: يحتمل الوفاق. ثم قال ابن عرفة: قلت: أخذ اللخمي منها خلاف رواية محمد هو مناقضتها ابن الكاتب بها ويرد إلى أن معناها المشي الواجب عليهما سواء أي في إكماله والعود لتلافيه وغير ذلك لأن مشيهما سواء في الوجوب فلفظ عليهما متعلق بنذر لا بسواء انتهى.
وحاصل كلامه أنهما سواء فيما وجب عليهما فكأنه يقول: إن المشي في النذر يجب عليهما فهما فيه سواء، وليس الحكم كذلك في الحج بل يفرق بين الحج والنذر ولم يذكر فرقا فليس في كلامه ما يرد على اللخمي لأن اللخمي لم يأخذ الوجوب من قوله والمشي على الرجال والنساء سواء وإنما أخذه من إيجابه المشي عليها في النذر فقال: الفرض أولى. فما يحسن الرد عليه إلا بالفرق بين الحج والنذر والفرق الذي تقدم عن التوضيح حسن. وما ذكره المصنف من عدم ركوبها البحر وما قلناه من أن يكره هو قول مالك المنصوص له. قال في التوضيح: المنقول عن مالك في الموازية كراهة سفر النساء في البحر. وفي المجموعة والعتبية: نهى مالك عن حج النساء في البحر انتهى. ونص كلامه في الموازية على ما نقل اللخمي: وأما حجها في البحر فقال مالك في كتاب محمد: مالها وللبحر البحر هو شديد والمرأة عورة وأخاف أن تنكشف وترك ذلك أحب إلي. قال الشيخ: يعني نفسه وقد وردت السنة بجواز ركوب النساء في البحر في حديث أم حرام فركوب النساء في البحر جائز إذا كانت في سرير أو ما أشبه ذلك مما تستتر فيه وتستغني فيه
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»
الفهرست