مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٨٤
مراكب النصارى وربما يكون الاستيلاء لهم وربما قدروا، فكان شيخنا الإمام ابن عرفة يحكي أنه كالتجارة إلى أرض الحرب وفيها يعني التجارة إلى أرض الحرب ما ذكره المتقدمون من تشديد الكراهة وهل هي جرحة أم لا؟ قال: والصواب اليوم أنه خلاف في حال فإن كان أمير تونس قويا يخاف منه النصارى إذا غدروا أو أساؤوا العشرة فهو خفيف وإلا كان خطرا. وفي عرضة أخرى قال: الصواب أنه خطر ورأيت بعض أهل العلم والفضل سافر معهم ورآها ضرورة لتعذر طريق البر. قال البرزلي: كان يذكر عن القباب أحد فقهاء فاس وابن إدريس أحد فقهاء بجاية واشتهر عنهم أنهم من أهل العلم والفضل سافر معهم. وعندي أن هذا من تقابل الضررين فينفي الأصغر للأكبر كمقال عليه السلام، فينظر ما يترتب من المفاسد في ركوبه وما يحصل من المنافع الأخروية والدنيوية فكلما عظم المكروه واعتبر ومتى قل انتفى. ثم قال عن المازري الذي تقدمت أجوبتي: إذا كانت أحكام أهل الكفر جارية على من يدخل بلادهم من المسلمين فإن السفر لا يحل انتهى. وقال الشيخ إبراهيم بن هلال في منسكه إثر كلامه المتقدم: ومن هذا المعنى ما جرت به العادة الآن من السفر في مراكب النصارى على حالهم من كونهم يقدرون أحيانا. فكان الشيخ ابن عرفة يقول: إنه كالتجارة إلى أرض الحرب ثم قال أيضا: إن كان أمير إفريقية يخاف النصارى منه إذا غدروا أو أساؤوا عشرة فهو خفيف وإلا كان خطرا.
قلت: وللشيخ أبي العباس أحمد القباب في نوازله ما نصه: وأما مركب يكون الحكم فيه للنصارى فيجري الامر فيه على ما شهر من الخلاف والتفصيل في السفر لأرض العدو.
قال: وأكثر الشيوخ على النظر فيما ينال منه. فإن كان يؤدي إلى أن يكره على سجود لصنم أو إذلال للاسلام لم يجز والإكراه. قال: وهذا القدر لم تجربه العادة في مراكبهم لكني رأيت النجاسة فيها لا يتأتى منها التحفظ أصلا، وأما شرب الخمر فليس رؤية ذلك فيهم منكرا، وأما كشف العورة فإن كان يكشف عورته ولا يتأتى الركوب إلا بذلك لم يجز ركوبه، وإن كان يخشى رؤية عورة غيره فقال: عندي أنه يمكنه التحفظ من ذلك غالبا وإن وقع بصره على شئ منها بغير قصده لم يضره انتهى. وقال القلشاني في شرح قول الرسالة: وتكره التجارة إلى أرض الحرب وبلاد السودان الكراهة. قيل: على ظاهرها. وقيل: على التحريم. وفي المدونة:
وشدد مالك الكراهة في التجارة إلى بلد الحرب يجري أحكام الكفر عليهم. قال عياض: إن تحقق جرى أحكام المشركين عليهم حرم. ويختلف إذا لم يتحقق هل يحرم أو يكره قاله شيخنا أبو مهدي الغبريني وعليه السفر معهم في مراكبهم يجري على هذا التفصيل. قال عياض:
وتأول الشيوخ ما وقع له من جواز شهادة التجارة إلى بلاد الحرب فقيل: معناه تابوا. وقيل غلبتهم الريح. وقوله بلاد السودان أي الكفار منهم انتهى.
السابع: قول المصنف أو يضيع يصح أن يقرأ بفتح أوله والتخفيف فيكون ثلاثيا من
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»
الفهرست