إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ١٩
أزيد من ذلك الشئ الآخر، أو أنقص، أو مساوية. فحاصل تلك الصور: سبع وعشرون صورة - ففي تعدد جنس المبيع تسع صور - لأنه إما بيع مد ودرهم بمثلهما، أو بمدين، أو درهمين - وفي كل إما أن أن يكون المد الذي مع الدرهم أعلى منه قيمة، أو أنقص، أو مساويا - فهذه تسع صور: من ضرب ثلاثة في ثلاثة. ومثلها: في اختلاف النوع - كأن بيع مد عجوة برني ومد صيحاني بمثلهما، أو بمدين صيحانيين، أو بمدين برنيين، وقيمة البرني مساوية لقيمة الصيحاني، أو أنقص، أو أزيد - فهذه تسع أيضا من ضرب ثلاثة في ثلاثة. ومثلها في اختلاف الصفة: كأن بيع دينار صحيح ودينار مكسر بمثلهما، أو بصحيحين أو مكسرين - فهذه تسع أيضا: من ضرب ثلاثة في ثلاثة - فالجملة سبع وعشرون صورة.
وتتحقق المفاضلة في ثمانية عشرة صورة، وتجهل المماثلة في تسع، وكلها باطلة إلا ثلاثا من صور اختلاف الصفة، وهي: ما لو بيع صحيح ومكسر بمثلهما، أو بصحيحين، أو مكسرين. وقيمة الصحيح في الثلاث، مساوية لقيمة المكسر. وإنما نظروا لتساوي القيمة في الصفة، ولم ينظروا له في الجنس والنوع، لغلبة الاتحاد فيها دون الجنس والنوع، لوجود الوزن معها، وهو لا يخطئ إلا نادرا، بخلاف الكيل الموجود معهما.
ولنمثل لك لبعض صور الجنس، ولبعض صور النوع، ولبعض صور الصفة، لتعرف تحقق المفاضلة، أو الجهل بالمماثلة، ونقيس الباقي عليها، فنقول: بالنسبة للأول - أعني الجنس - لو باع مد عجوة ودرهما بمدين: نظر - فإن كانت قيمة المد الذي مع الدرهم أكثر من درهم - كأن تكون قيمته درهمين - كان ذلك المد بالنسبة لقيمته ثلثي الطرف الذي هو فيه، وذلك لان الدرهمين إذا ضممتهما إلى الدرهم، يكون مجموعها ثلاثة، والدرهمان ثلثاها، فإذا وزعت الثمن - الذي هو المدان - على المد والدرهم، يكون ثلثا المدين في مقابلة المد، والثلث الباقي منهما في مقابلة الدرهم. ولا شك أن ثلثي المدين، أكثر من المد - فتحققت المفاضلة وإن كانت قيمة المد أقل من الدرهم المنضم معه - كأن تكون نصف درهم - فيكون المد ثلث الطرف الذي هو فيه بالنسبة للقيمة، فإذا وزعت الثمن المذكور عليهما يكون ثلث المدين في مقابلة المد. ولا شك أن ثلثهما أنقص منه، فتحققت المفاضلة. وإن كانت قيمة المد الذي مع الدرهم مساوية له، لزم الجهل بالمماثلة لأنها تستند إلى التقويم، وهو تخمين قد يخطئ وقد يصيب.
وقس على ما ذكر بقية صور الجنس، وهي: بيع مد ودرهم بمد ودرهم أو بدرهمين، وكانت قيمة المد أكثر، أو أنقص، أو مساوية - وبالنسبة للثاني - أعني النوع - لو باع مدا صيحانيا، ومدا برنيا بمثلهما: نظر أيضا - فإن كانت قيمة المد الصيحاني أعلى - كدرهمين - وقيمة المد البرني درهما: كان المد الصيحاني ثلثي الطرف الذي هو فيه فيقابله عند التوزيع ثلثا المدين - الصيحاني، والبرني - وهو مد وثلث، فيصير كأنه قابل مدا بمد وثلث، فتحققت المفاضلة. وإن كانت قيمة المد الصيحاني أقل من قيمة المد الرني - كأن تكون قيمته نصف درهم: كان المد الصيحاني ثلث الطرف الذي هو فيه، فيقابله ثلث المدين من الطرف الآخر - الذي هو الثمن - ولا شك أن ثلثهما أنقص من مد - فتحققت المفاضلة. وإن كانت قيمة المد الصيحاني مساوية لقيمة المد البرني: لزم الجهل بالمماثلة، إذ هي تستند إلى التقويم، وهو تخمين - كما مر -.
وقس على ما ذكر بقية صور النوع، وهي: بيع مد صيحاني ومد برني بصيحانيين أو ببرنيين وكانت قيمة الصيحاني أكثر، أو أقل أو مساوية. وبالنسبة للثالث - أعني الصفة - لو باع درهما صحيحا ومكسرا بدرهم صحيح ومكسر: نظر أيضا - فإن كانت قيمة الصحيح أعلى من قيمة المكسر - كأن تكون درهمين - كان الصحيح ثلثي الطرف الذي هو فيه، فيقابله ثلثان من الطرف الآخر - وهو درهم وثلث - فيصير كأنه قابل درهما بدرهم وثلث، فتحققت المفاضلة. وإن كانت قيمة الصحيح أقل - كأن يكون نصف درهم - كان ثلث الطرف الذي هو فيه، فيقابله ثلث الدرهمين من الطرف الآخر - ولا شك أن ثلث الدرهمين أنقص من درهم كامل - فتحققت المفاضلة وإن كانت قيمة الصحيح مساوية لقيمة المكسر:
لزم الجهل بالمماثلة - بناء على التقويم المار - إلا أنهم اغتفروا في الصلة: لتساويهما في الوزن وفي القيمة.
(١٩)
مفاتيح البحث: الجهل (2)، الضرب (3)، البيع (6)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست