إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٨١
الحبس. (وقوله: من أنواع التعزير) بيان لغير الحبس (قوله: ويحبس مدين مكلف الخ) وإذا ادعى أنه معسر، أو قسم ماله بين غرمائه، أو أن ماله المعروف تلف، وزعم أنه لا يملك غيره، وأنكر الغرماء ذلك، فإن لزمه الدين في معاملة مال، كشراء، أو قرض، فعليه البينة بإعساره في الأولى، وبأنه لا يملك غيره في الثانية، لان الأصل: بقاء ما وقعت عليه المعاملة، وبالتلف في الثالثة: وإن لم يلزمه في معاملة مال، كصداق وضمان وإتلاف، ولم يعهد له مال: صدق بيمينه في الأصح، لأنه خلق، ولا مال له، والأصل بقاء ذلك. والبينة: رجلان، لا رجل وامرأتان، ولا رجل ويمين، ويشترط في بينة الاعسار: خبره باطنة بطول جوار، وكثرة مخالطة، لان الأموال تخفى، وأما بينة التلف: فلا يشترط فيها ما ذكر، ولتقل عند الشهادة: هو معسر، لا يملك إلا ما يبقى لممونه، فتقيد النفي، ولا تمحضه: كقولها لا يملك شيئا لأنه كذب (قوله: لا أصل الخ) أي لا يحبس أصل بدين فرعه، لأنه عقوبة، ولا يعاقب الوالد بالولد، ولا فرق بين دين النفقة وغيرها (قوله: خلافا للحاوي كالغزالي) أي خلافا لما جرى عليه في الحاوي الصغير، تبعا للغزالي من حبسه، لئلا يمتنع من الأداء فيعجز الابن عن الاستيفاء منه، ورد بمنع العجز عن الاستيفاء لأنه مبني ثبت للوالد مال: أخذه القاضي قهرا وصرفه إلى دينه (قوله: وإذا ثبت إعسار مدين) أي بالبينة إن عهد له مال، أو باليمين إن لم يعهد له مال، كما تقدم، وقوله لم يجز حبسه: أي لقوله تعالى: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * (1) (وقوله: ولا ملازمته) أي دوام مطالبته (قوله: بل يمهل) أي ولا يحبس، ولا يطالب، بل تحرم مطالبته (قوله: وللدائن ملازمة من لم يثبت إعساره) أي مطالبته بدلا عن الحبس (قوله: ما لم يختر المدين) إظهار في مقام الاضمار (قوله: فيجاب) أي المدين. (وقوله: إليه) أي إلى ما اختاره، والفعل منصوب بأن مضمرة، لوقوعها بعد فاء السببية، الواقعة بعد النفي (قوله: وأجرة الحبس، وكذا الملازم) أي السجان على المدين، أي المحبوس، ومثل ذلك: نفقته، فهي عليه، هذا إذا كان له مال ظاهر، فإن لم يكن له مال:
فعلى بيت المال، وإلا فعلى مياسير المسلمين (قوله: وللحاكم منع المحبوس الاستئناس بالمحادثة) أي وشم الرياحين لترفه. (وقوله: وحضور الجمعة)، بالنصب: عطف على الاستئناس - أي ومنعه حضور الجمعة. (وقوله: وعمل الصنعة) أي ومنعه عمل الصنعة. والذي في فتح الجواد: لا يمنعه من عمل الصنعة. اه‍ (قوله: إن رأي) أي الحاكم المصلحة فيه. أي في المنع المذكور (قوله: ويجوز لغريم المفلس الخ) ذلك لخبر الصحيحين إذا أفلس الرجل ووجد البائع سلعته بعينها: فهو أحق بها من الغرماء ولخبر أبي هريرة أيما رجل أفلس، أو مات مفلسا: فصاحب المتاع أحق بمتاعه وخرج بغريم المفلس: غريم موسر ممتنع، أو غائب، أو ميت، وإن امتنع وارثه، فلا يرجع في متاعه، وذلك لامكان الاستيفاء بالسلطان، وعجزه نادر. (وقوله: المحجور عليه) بدل من المفلس، أو صفة له. (وقوله: أو الميت) أي أو المفلس الذي مات، ولو قبل الحجر. (قوله: الرجوع) أي بشروط تسعة - أولها: كونه في معاوضة محضة كبيع، وهي التي تفسد بفساد المقابل، فخرج: النكاح، والخلع، فلو تزوج امرأة بصداق في ذمته، ودخل بها، ثم أفلس:
فليس لها الرجوع في بعضها، أو خالعها على عوض في ذمتها، ثم حجر عليها بالفلس، فليس له الرجوع في المرأة.
ثانيها: رجوعه عقب علمه بالحجر. ثالثها: كون رجوعه بنحو فسخت البيع. رابعها: كون عوضه غير مقبوض، فلو كان قبض منه شيئا: ثبت الرجوع بما يقابل الباقي. خامسها: تعذر استيفاء العوض بسبب الافلاس. سادسها: كون العوض

(1) سورة البقرة، الآية: 280.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست