إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٤٠٩
بأن لا يخص بها أغنياء ولا غيرهم. وقضية قول ابن حجر مثلا بعد قول المصنف وأن لا يخص الأغنياء. وكتب عليه ابن قاسم ما نصه: قضية قوله مثلا إنه قد يضر تخصيص الفقراء، ويوجه بأنه لو كان جيرانه وأهل حرفته مثلا كلهم فقراء أو بعضهم أغنياء فخصص الفقراء لما ذكر، فالوجه عدم الوجوب حينئذ لان هذا التخصيص موغر للصدور، كما لا يخفى، ولو كانوا كلهم أغنياء فخصص بعضهم لا لما ذكر فالوجه عدم الوجوب أيضا. ولعله لا يشمله قولهم أن لا يخص الأغنياء بناء على أن المتبادر منه تخصيصهم بالنسبة للفقراء. نعم: لو خصص فقراء جيرانه أو أهل حرفته أو بعضهم لعدم كفاية ما يقدر عليه فآثر الفقراء لأنهم أحوج اتجه الوجوب، فظهر أنه لا ينبغي إطلاق أنه لا يضر تخصيص الفقراء. فليتأمل اه‍.
وقوله لا لما ذكر: أي لا لكونهم جيرانه أو عشيرته. وفي البجيرمي خلافه ونصه: ونقل عن شيخنا زي. أنه لو خص الفقراء وجبت الإجابة عليهم. اه‍. ح ل. وهذا هو المعتمد. فالشرط أن لا يخص الأغنياء لغناهم، كما يفهم من الأصل، اه‍. (قوله: وأن يعين الخ) أي ويشترط لوجوب الإجابة أن يعين الخ، فأن وما بعدها في تأويل مصدر نائب فاعل لفعل مقدر، ولا يصح عطفه على قوله وعم الخ المسلط عليه إن الشرطية، كما هو ظاهر، ولو قال وعين، بصيغة الماضي، المدعو لكان أولى، وكذا يقال فيما بعد من القيود. وقوله بعينه: أي بأن يقول تفضل يا فلان عندي. وقوله أو وصفه: أي المحصور فيه بأن يقول لنائبه: ادع عالم البلدة أو مفتيها وليس ثم إلا هو (قوله: فلا يكفي) أي في وجوب الإجابة، وهو مفرع على مفهوم قوله وأن يعين الخ. وقوله من أراد فليحضر: فاعل يكفي قصد لفظه، أي لا يكفي هذا اللفظ. وقوله أو ادع من شئت أو لقيت: أي ولا يكفي ادع الخ، وفي الكلام حذف: أي لا يكفي قوله لغيره ادع يا فلان من شئت أو من لقيته (قوله: بل لا تسن الإجابة حينئذ) أي حين إذ لم يعين المدعو بعينه أو وصفه أو حين إذ قال من أراد فليحضر أو ادع من شئت أو لقيت. وعبارة الروض وشرحه: لا إن نادى في الناس، كأن فتح الباب وقال ليحضر من أراد، أو قال لغيره ادع من شئت، فلا تطلب الإجابة من المدعو لان امتناعه حينئذ لا يورث وحشة. اه‍. ومثل قوله ليحضر من أراد: إحضر إن شئت، ما لم تظهر قرينة على جريان ذلك على وجه التأدب أو الاستعطاف مع ظهور رغبته في حضوره، وإلا لزمت الإجابة (قوله: وأن لا يترتب الخ) معطوف على أن يعين المجعول نائب فاعل لفعل مقدر: أي ويشترط أن لا يترتب على الإجابة خلوة محرمة. فإن ترتب عليها خلوة محرمة بأن يكون الداعي امرأة أجنبية من غير حضور محرم لا لها ولا للمدعو لم تجب الإجابة (قوله: فالمرأة الخ) مفرع على منطوق الشرط وعلى مفهومه، فقوله فالمرأة الخ مفرع على المنطوق وهو أن لا يترتب على إجابته خلوة محرمة. وقوله لا الرجل: مفرع على المفهوم وهو ترتب الخلوة المحرمة على إجابته. وقوله تجيبها المرأة أي وجوبا (قوله: إن أذن زوجها) أي المرأة المدعوة في الإجابة، ولا بد من سن الوليمة للمرأة الداعية وإلا لم تجب الإجابة. قال في فتح الجواد. ولا يتصور كون المرأة تولم إلا عن موليها وهي وصية أو قيمة.
اه‍. وقال في التحفة: ومن صور وليمة المرأة إن لم تولم عن الرجل بإذنه. كذا قيل. وفيه نظر: فإن الذي يظهر حينئذ أن العبرة بدعوته لا بدعوتها لان الوليمة صارت له بإذنه لها المقتضي لتقدير دخول ذلك في ملكه نظير إخراج الفطرة عن الغير بإذنه وحينئذ، فيتعين أن يزاد في التصوير إن أذن لها في الدعوة أيضا. اه‍. ومثله في النهاية (قوله: لا الرجل) أي لا يجيبها الرجل بل تحرم عليه لما يترتب على الإجابة من الخلوة المحرمة. وبقيت صورة مندرجة في مفهوم الشرط وهو أن المرأة لا تجيب الرجل، ومثل المرأة الأمرد الذي يخشى من حضوره ريبة أو تهمة فلا تجب الإجابة وإن أذن له الولي، خصوصا في هذا الزمان الذي كثر فيه الفساد وغلبت فيه محبة الأولاد. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (قوله: إلا إن كان الخ) قد علمت أن قوله لا الرجل مرتب على ما إذا ترتب على الإجابة وجود الخلوة المحرمة الذي هو مفهوم الشرط السابق، وحينئذ فينحل المعنى لا يجيبها الرجل مع الخلوة المحرمة إلا إن كان هناك مانع خلوة، أما مع الخلوة فلا يجيبها الخ، ولا يخفى ما في ذلك من الركاكة والتكرار: إذ الاستثناء المذكور مكرر مع قوله بعد وكذا مع عدمها، فكان الأولى
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»
الفهرست