إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٣٦٤
(والحاصل) أن الولي الأقرب في صورة الغيبة وما بعدها باق على ولايته إلا أنه لما تعذر التزويج بسبب الغيبة ونحوها ناب عنه القاضي، والابعد إنما يزوج عند انتفاء الولاية من الأقرب.
(واعلم) أنه اختلف في الامام: هل يزوج بالولاية أو بالنيابة الشرعية؟ على وجهين. وذكر في فتح الجواد أن فروعا تقتضي أن تزويج السلطان بالولاية العامة، وفروعا أخر تقتضي أنه بالنيابة الشرعية، وأن الذي يتجه أنه في نحو الغيبة بنيابة اقتضتها الولاية، وعند عدم الولي يزوج بالولاية. اه‍ (قوله: وإنما يزوج للقاضي) اللام زائدة، وكان الأولى إسقاطها. وقوله أو طفله: لو قال أو محجوره لكان أولى ليشمل المجنون. وقوله إذا أراد نكاح الخ: أي لنفسه أو لمحجوره ليطابق ما قبله. (وقوله: من ليس لها ولي) أي خاص. (وقوله: قاض آخر) فاعل يزوج. (وقوله: بمحل ولايته) الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة ثانية لقاض: أي قاض آخر كائن بمحل ولاية القاضي المتزوج، والمراد أن للقاضي الآخر ولاية على محل ولاية القاضي المتزوج بأن يكون لذلك المحل قاضيان لجواز تعدد القاضي في بلدة، فإذا أراد القاضيين أن يتزوج بمن ليس لها ولي خاص زوجه الآخر عليها كابني العم المتساويين في الدرجة (قوله: إذا كانت المرأة في عمله) الضمير يعود علي القاضي الآخر، وهو بيان لقيد ثان، وهو أنه لا بد في المرأة أن تكون في محل عمل القاضي الآخر لأجل أن تكون له ولاية عليها. وهذا القيد يغني عن القيد الأول، أعني قوله بمحل ولايته، وذلك لأنه يلزم من كونها في محل عمل القاضي الآخر أن يكون هو في محل عمل القاضي المتزوج: إذ الفرض أن للقاضي المتزوج ولاية عليها، ولذلك لم يذكره في التحفة ونصها مع الأصل: فلو أراد القاضي نكاح من لا ولي لها غيره لنفسه أو لمحجوره زوجه من هي في عمله سواء من فوقه من الولاة ومن هو مثله أو خليفته لان حكمه نافذ عليه. وإن أراده الامام الأعظم زوجه خليفته. اه‍ (قوله: أو نائب القاضي) معطوف على قاض آخر: أي أو يزوجه نائبه. وقوله أو طفله.
معطوف على الضمير المستتر في يتزوج لوجود الفصل بالضمير المنفصل. قال في الخلاصة:
وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصل (قوله: ثم إن لم يوجد ولي ممن مر) أي من الأصل وعصبة النسب وعصبة الولاء والقاضي. وصريح هذا يفيد أن المحكم لا يزوج إلا عند فقد الجميع حتى القاضي، وإذ كان كذلك فلا يلائم تفصيله الآتي، أعني قوله وإن لم يكن مجتهد إذا لم يكن ثم قاض، وإلا اشترط أن يكون المحكم مجتهدا فإنه يقتضي عدم اشتراط فقد القاضي في تزويج المحكم، وتفصيله المذكور هو الموافق لصريح عبارة التحفة المار نقلها على قول الشارح، فلا تزوج امرأة نفسها، وحينئذ فكان الأولى للمؤلف أن يعبر بعبارة موافقة لما ذكر (قوله: فيزوجها محكم) بصيغة اسم المفعول. قال في التحفة: وهل يتقيد ذلك بكون المفوض إليه في محلها كما يتقيد القاضي بمحل ولايته، أو يفرق بأن ولاية القاضي مقيدة بمحل فلم يجاوزه بخلاف ولاية هذا فإن مناطها إذنها له بشرطه فحيث وجد زوجها وإن بعد محلها؟ كل محتمل. والثاني أقرب اه‍. وفي البجيرمي: فإن لم يوجد أحد تحكمه أمرها وخافت الزنا زوجت نفسها، لكن بشرط أن يكون بينها وبين الولي مسافة القصر. ثم إذا رجعا للعمران ووجد الناس جددا العقد إن لم يكونا قلدا من يقول بذلك. اه‍. (قوله: عدل) خرج به غيره فلا يصح تزويجه لأنه غير أهل للتحكيم. وقوله حر: خرج به غيره فلا يصح منه ذلك لذلك (قوله: ولته) أي فوضته. وقوله مع خاطبها: إنما قيد بذلك لان حكم المحكم لا يفيد إلا برضاهما به معا ولا بد أن يكون لفظا فلا يكفي السكوت. نعم يكفي سكوت البكر إذا استئذنت في التحكيم. وقوله أمرها: مفعول ثان لولت، وفي العبارة حذف: أي وولاه الخاطب أمره لأن المرأة تفوضه أمر نفسها والخاطب كذلك يفوضه أمر نفسه (قوله: ليزوجها منه) هذه العلة عين
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست