إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٣١١
الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب في ذلك والحكمة في ذلك الايذاء، ولكن لا يحرم ذلك إلا بشروط ذكر منها الشارح أربعة: وهي علمه بخطبة الغير، وبإجابته له، وقد صرح لفظا بالإجابة، وأن تكون خطبة الخاطب الأول جائزة. وبقي من الشروط: علمه بحرمة الخطبة على الخطبة، وبصراحة الإجابة، فخرج بما ذكر ما إذا لم تكن خطبة أصلا، أو لم يجب الخاطب الأول، أو أجيب تعريضا لا تصريحا، أو لم يعلم الثاني بالخطبة، أو علم بها ولم يعلم بالإجابة، أو علم بها ولم يعلم كونها بالصريح، أو علم كونها بالصريح ولم يعلم بالحرمة، أو علم بجميع ما ذكر لكن كانت الخطبة محرمة كأن خطب في عدة غيره فلا حرمة في جميع ما ذكر. وقوله والإجابة له: أي وعالم بالإجابة له وهي تكون ممن تعتبر إجابته وهو الولي إن كانت الزوجة مجبرة، ونفس الزوجة إن كانت غير مجبرة، وهي مع الولي إن كان الخاطب غير كف ء لان الكفاءة حق لهما معا، والسيد إن كانت أمة غير مكاتبة، وهو مع الأمة إن كانت مكاتبة، والسلطان إن كانت المرأة مجنونة بالغة ولا أب لها ولا جد لها. (وقوله: على خطبة من الخ) إظهار في مقام الاضمار، فالمناسب والاخصر أن يقول على خطبته إن جازت ويكون الضمير في خطبته عائدا على الغير المتقدم ذكره. وقوله جازت خطبته: أي بأن كانت المخطوبة خالية من الموانع. وخرج به من حرمت خطبته كأن خطبها في عدة غيره أو في نكاحه فلا تحرم لأنه لاحق للأول. وقوله وإن كرهت، أي الخطبة الأولى الجائزة بأن كان عاجزا عن المؤن وغير تائق. وقوله وقد صرح لفظا بإجابته، الواو للحال: أي والحال أنه قد صرح لفظا بإجابته، أي الخاطب، الأول، فلو لم يصرح بها لفظا، بأن رد أو سكت عنه، لم تحرم. وعبارة المنهاج مع المغني: فإن لم تجب ولم يرد بأن سكت عن التصريح بإجابة أو رد والساكت غير بكر يكفي سكوتها أو ذكر ما يشعر بالرضا نحو لا رغبة عنك لم تحرم في الأظهر، لان فاطمة بنت قيس قالت للنبي (ص): إن معاوية وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله (ص): أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد وجه الدلالة أن أبا جهم ومعاوية خطباها، وخطبها النبي (ص) لأسامة بعد خطبتهما لأنها لم تكن أجابت واحدا منهما. اه‍. (قوله: إلا بإذنه له) متعلق بيحرم: أي يحرم الخطبة المذكورة إلا إن أذن الخاطب الأول للخاطب الثاني فإنها حينئذ لا تحرم. (وقوله: من غير خوف ولا حياء) أي حال كون الاذن واقعا منه بنحو خوف، أي من الخاطب الثاني أو حياء منه فإن وقع مع خوف أو حياء لم ترتفع الحرمة (قوله: أو بإعراضه) معطوف على بإذنه، أي وإلا بإعراضه، أي الخاطب الأول فإنها لا تحرم. قال في المغني: وإعراض المجيب كإعراض الخاطب. اه‍. ومثله في التحفة والنهاية (قوله: كأن طال الخ) تمثيل للاعراض. وعبارة التحفة: كأن يطول الزمن بعد إجابته حتى تشهد قرائن أحواله بإعراضه. اه‍. (قوله: ومنه) أي الاعراض: أي مما يفيده. وقوله سفره البعيد: أي المنقطع، كما في التحفة والنهاية. وكتب ع ش: يظهر أن المراد بالانقطاع انقطاع المراسلة بينه وبين المخطوبة لا انقطاع خبره بالكلية. اه‍. وفي البجيرمي: ومنه، أي الاعراض، أن يتزوج من يحرم الجمع بينها وبين مخطوبته أو تطرأ ردته، لان الردة، والعياذ بالله، قبل الوطئ تفسخ العقد، فالخطبة أولى، أو يعقد على أربع من خمس خطبهن معا أو مرتبا. اه‍. (قوله: ومن استشير في خاطب) أي هل يصلح أم لا (قوله: أو نحو عالم) أي أو استشير في نحو عالم كتاجر، وقوله يريد الاجتماع به: أي أو معاملته (قوله: ذكر) أي المستشار. وقوله وجوبا: محله إذا لم يندفع إلا بذكر العيوب، فإن اندفع بدونه، بأن اكتفى بقوله له هو لا يصلح، أو احتيج لذكر البعض دون البعض، حرم ذكر شئ منها في الأول وشئ من البعض الآخر في الثاني. وقوله مساويه، بفتح الميم، أي عيوبه الشرعية والعرفية، كالفقر والتقتير.
وذلك للحديث المار إن فاطمة بنت قيس استشارت النبي (ص) في تزويج أبي جهم أو معاوية، فقال لها النبي (ص) أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، كناية عن كثرة الضرب، قيل أو السفر، وأما معاوية فصعلوك أي فقير لا مال له. وفي
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست