إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٦
والاخوة والجدودة في مرتبة واحدة لاستوائهما في الادلاء إلى الميت، لان كلا منهما يدلي إليه بالأب. وإذا علمت ذلك فإذا اجتمعت عصبات، فمن كانت جهته مقدمة فهو مقدم، كابن وأب وأخ وهكذا. فالأول مقدم على الثاني، والثاني مقدم على الثالث، وهكذا. والمقدم يحجب المؤخر. هذا إذا اختلفت الجهة، فإذا اتحدت قدم بالقرب في الدرجة، كالابن وابن الابن وكابن الأخ ولو لأب وابن ابن الأخ ولو شقيقا، فيقدم الأول على الثاني لقربه في الدرجة مع اتحادهما في الجهة، وإذا استويا قربا قدم بالقوة كأخ شقيق وأخ لأب، وكعم شقيق وعم لأب فيقدم الأول منهما على الثاني لقوته عنه، فإن الأول أدلى بأصلين، والثاني أدلى بأصل واحد، وإلى ذلك أشار الجعبري بقوله:
فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا (قوله: فبعد عصبة النسب الخ) والحاصل أن من لا عصبة له بنسب وله معتق فله ماله كله أو الفاضل بعد الفروض أو الفرض، سواء كان المعتق رجلا أو امرأة، فإن لم يوجد فالمال لعصبته المتعصبين بأنفسهم، وترتيبهم هنا كترتيبهم في النسب، فيقدم عند موت العتيق ابن فابنه وإن سفل الأقرب فالأقرب فأب فجد، وإن علا، فبقية الحواشي، إلا أن أخا المعتق وابن أخيه يقدمان على جده هنا، فإن لم يكن له عصبة فلمعتق المعتق ثم عصبته كذلك، ولا ترث امرأة بولاء إلا معتقها، بفتح التاء، أو منتميا إليه بنسب أو ولاء. وقوله عصبة الولاء، الإضافة فيه من إضافة المسبب للسبب، أي عصبة سببها الولاء (قوله: وهو) أي العصبة، وذكر الضمير مراعاة للخبر. وقوله معتق، أي بأي وجه كان، ولو كان العتق بعوض، كما في الكتابة وغيرها، كأنت حر على ألف أو بعتك نفسك بألف، وإنما ثبت بالولاء العصوبة كما ثبتت بالنسب لقوله (ص): الولاء لحمة كلحمة النسب.
(واعلم) أن الإرث به ثابت من جهة المعتق خاصة، لان الانعام من جهته فقط، فاختص الإرث به، فلا يرث العتيق معتقه (قوله: ذكرا كان أو أنثى) تعميم في المعتق، وذلك لاطلاق قوله (ص): إنما الولاء لمن أعتق وليس لنا عصبة من النساء إلا المعتقة، كما قال في الرحبية:
وليس في النساء طرا عصبة إلا التي منت بعتق الرقبة (قوله: فبعد المعتق الخ) أي ثم العصبة بعد المعتق ذكور عصبته، أي من النسب، وذلك لان العتيق لو كان رقيقا لأستحقوه وكذا ميراثه. وقوله دون إناثهم، أي إناث عصبته، أي بالغير، كالبنت مع الابن، أو مع الغير كالأخوات مع البنات، فلا ترث بنت المعتق ولا أخته ولا جدته. ولو قال دون الإناث، من غير إضافة، لكان أولى، ليشمل إناث العصبة وغيرهن، كالأم والجدة والزوجة (قوله: ويؤخر هنا) أي في الإرث بالولاء، واحترز به عن النسب فإنه لا يؤخر فيه الجد عنهما، بل يشارك الأخ ويسقط ابن الأخ. وقوله عن الأخ، متعلق بيؤخر، وإنما أخر الجد عنه لان تعصيب الأخ يشبه تعصيب الابن، لادلائه بالبنوة، وهي مقدمة على الأبوة. وكان قياس ذلك أنه في النسب كذلك، لكن صد عنه الاجماع. اه‍. تحفة. وقوله وابنه، بالجر عطف على الأخ، وضميره يعود عليه، وإنما أخر الجد عنه أيضا لقوة البنوة كما يقدم ابن الابن على الأب، ويجري ذلك في عم المعتق أو ابنه مع أبي جده فيقدم عمه أو ابن عمه عليه (قوله: فمعتق المعتق) أي فبعد ذكور عصبة المعتق يكون العصبة معتق المعتق. وقوله فعصبته، أي فبعد معتق المعتق عصبته أي وبعد عصبته معتق معتق المعتق فعصبته، وهكذا.
(تنبيه) كلام المؤلف كالصريح في أن الولاء لا يثبت للعصبة في حياة المعتق، بل إنما يثبت بعده، وليس بمراد، بل الولاء ثابت لهم في حياة المعتق على المذهب المنصوص في الام، إذ لو لم يثبت لهم الولاء إلا بعد موته لم يرثوا وقال
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست