إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ١١
واحد منها على المنهاج. اه‍. (قوله: وكذا من مكره) هذا مفهوم قيد محذوف بعد قوله تكليف، وهو وعدم إكراه، أي وكذلك لا يصح العقد من مكره. قال سم: قال في شرح العباب: ومحله إن لم يقصد إيقاع البيع، والأصح - كما بحثه الزركشي - أخذا من قولهم: لو أكره على إيقاع الطلاق، فقصد إيقاعه: صح لقصده. اه‍. وقوله بغير حق: خرج به ما إذا كان بحق، كأن توجه عليه بيع ماله لوفاء الدين، فأكرهه الحاكم عليه فإنه يصح.
(تنبيه) من أكره غيره على بيع مال نفسه: صح منه، لأنه أبلغ في الاذن، ويصح بيع المصادرة، وهي أن يطلب ظالم من شخص مالا، فيبيع الشخص داره لأجل أن يدفع ما طلب منه، لئلا يناله أذى من ذلك الظالم - وذلك لأنه لا إكراه فيه على البيع - إذ قصد الظالم تحصيل المال منه بأي وجه كان، سواء كان يبيع داره أو رهنها أو إيجارها أو بغير ذلك - كما في المغني - وعبارته: ويصح بيع المصادر - بفتح الدال - من جهة ظالم: بأن باع ماله لدفع الأذى الذي ناله، لأنه لا إكراه فيه، إذ مقصود من صادر - أي وهو الظالم - تحصيل المال من أي وجه كان. اه‍. ومثله في الروض وشرحه.
(قوله: لعدم رضاه) أي المكره، وهو علة لعدم صحة بيع المكره. (قوله: وإسلام إلخ) معطوف على تكليف، أي وشرط إسلام من المشتري لأجل تملكه رقيقا مسلما، وذلك لما في ملك الكافر للمسلم من الاذلال، وقد قال تعالى:
* (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) * (وقوله: لا يعتق عليه) خرج به ما إذا كان يعتق عليه بالشراء - كأبيه، أو ابنه - فإنه يصح، لانتفاء إذلاله بعدم استقرار ملكه.
(فائدة) يتصور دخول الرقيق المسلم في ملك الكافر في مسائل نحو الأربعين صورة، ذكرها في المغني، ويجمعها ثلاثة أسباب: الأول الملك القهري - كالإرث - كأن يموت كافر عن ابن كافر، ويخلف في تركته عبدا مسلما، فيرث الابن العبد. الثاني: ما يفيد الفسخ، كالرد بعيب. الثالث: ما استعقب العتق، كشراء الكافر أصله وفرعه. وقد نظمها بعضهم فقال:
ما استعقب العتق وملك قهري * وما يفيد الفسخ، فاحفظ وادري (قوله: على المعتمد) وذلك لبقاء علقة الاسلام في المرتد، وفي تمكين الكافر منه إزالة لها. (قوله: لكن الذي إلخ) لا محل للاستدراك. (قوله: صحة إلخ) ضعيف. (قوله: ولتملك شئ من مصحف) معطوف على لتملك رقيق، أي وشرط إسلام في المشتري لتملك شئ من مصحف، ومثله الحديث - ولو ضعيفا، فيما يظهر - وكتب العلم التي بها آثار السلف، لتعريضها للامتهان - بخلاف ما إذا خلت عن الآثار، وإن تعلقت بالشرع، ككتب نحو، ولغة. قال سم:
وخرج بالمصحف: جلده المنفصل عنه، فإنه - وإن حرم مسه للمحدث - يصح بيعه للكافر - كما أفتى به الشهاب الرملي. اه‍. (قوله: يعني ما كتب فيه قرآن) بيان للمراد من المصحف، والاتيان بهذا مناسب - لو لم يزد الشارح لفظ شئ، ومن الجارة - أما بعد الزيادة: فالمناسب الاقتصار على الغاية وما بعدها - أعني قوله ولو آية إلخ. وعبارة المنهاج:
ولا يصح شراء الكافر المصحف. قال في التحفة: يعني كما هو ظاهر ما فيه قرآن، ولو آية إلخ. اه‍.
(والحاصل) يشترط إسلام من أراد أن يتملك ما كتب فيه قرآن، وإن كان في ضمن نحو تفسير، أو علم، فيما يظهر، نعم، يتسامح لتملك الكافر الدراهم والدنانير التي عليها شئ من القرآن - للحاجة إلى ذلك - ويلحق بها - فيما يظهر - ما عمت به البلوى أيضا من شراء أهل الذمة الدور، وقد كتب في سقفها شئ من القرآن، فيكون مغتفرا - للمسامحة به غالبا. اه‍. نهاية. وخالف في التحفة في الأخير، فقال ببطلان البيع فيما عليه قرآن، وصحته في الباقي - تقريبا للصفقة.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست