مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٦
الشافعي رضي الله عنه والبيهقي وغيرهما، وقال في النهاية: أجمع المسلمون على اتباع قضاء عمر رضي الله عنه في قاعدة الباب. والمعنى فيه مضي الفصول الأربعة، لأن تعذر الجماع قد يكون لعارض حرارة فتزول في الشتاء، أو برودة فتزول في الصيف، أو يبوسة فتزول في الربيع، أو رطوبة فتزول في الخريف، فإذا مضت السنة ولا إصابة علمنا أنه عجز خلقي.
تنبيه: ابتداء المدة من ضرب القاضي لا من وقت ثبوت العنة لأنها مجتهد فيها، بخلاف مدة الايلاء فإنها من وقت الحلف للنص. وتعتبر السنة بالأهلة، فإن كان ابتداؤها في أثناء شهر كمل من الشهر الثالث عشر ثلاثين. وظاهر كلام المصنف كغيره في ضرب السنة أنه لا فرق فيه بين الحر والعبد ولا بين المسلم وغيره، ولا بين أن يقول: مارست نفسي وأنا عنين فلا تضربوا لي مدة أم لا، وهو كذلك لأن ذلك شرع لأمر جبلي، فأشبه الحيض والرضاع، فلا يختلفون في كون المدة سنة. وإنما تضرب المدة (بطلبها) أي الزوجة لأن الحق لها. ويكفي قولها: أنا طالبة حقي بموجب الشرع وإن جهلت بتفصيل الحكم، فإن سكت لم تضرب. نعم إن علم القاضي أن سكوتها لجهل أو دهشة أو غفلة فلا بأس بتنبيهها.
تنبيه: أفهم قوله: بطلبها أن الولي لا ينوب عنها في ذلك عاقلة أو كانت مجنونة، وهو كذلك، وليس للرتقاء والقرناء دعوى العنة كما قاله صاحب الخصال ولا للأمة لأنه يلزم منه بطلان نكاحها كما قاله الجرجاني لأن العنين لا يخاف العنت وهو ظاهر إن ادعت عنه مقارنة للعقد، وإلا فتسمع لانتفاء ما ذكر. (فإذا تمت) تلك السنة المضروبة للزوج ولم يطأ على ما يأتي ولم تعتزله فيها، (رفعته) ثانيا (إليه) أي القاضي، فلا تنفسخ بلا رفع، إذ مدار الباب على الدعوى والاقرار والانكار واليمين فيحتاج إلى نظر القاضي واجتهاده.
تنبيه: قضية كلامهم بل صريحه: أن الرفع ثانيا بعد السنة يكون على الفور، وهو كما قال شيخنا المعتمد، وإن خالف في ذلك الماوردي والروياني. (فإن قال: وطئت حلف) بعد طلبها أنه وطئ كما ذكر، وإنما صدق بيمينه في ذلك مع أن الأصل عدم الوطئ لعسر إقامة بينة الجماع والأصل السلامة ودوام النكاح. هذا في الثيب، أما البكر إذا شهد أربع نسوة ببكارتها فالقول قولها للظاهر، وهل تحلف أو لا؟ فيه وجهان رجح في الشرح الصغير الأول، وهو الراجح كما قاله الأسنوي وغيره، ونقله الأذرعي وغيره عن نص الأم، وعليه قال ابن الرفعة: ظاهر النص أنها لا تحلف إلا أن يطلب الزوج يمينها، ورجح ابن المقري الثاني: فإن ادعى الزوج عود البكارة بأن قال بعد شهادتهن: أصبتها ولم أبالغ فعادت بكارتها وطلب يمينها حلفت أنه لم يصبها.
تنبيه: ما ذكره المصنف من كون القول قول الزوج في الوطئ هو أحد ثلاثة مواضع مستثناة مما إذا اختلف الزوجان في الإصابة فإن القول قول النافي أخذا بالأصل. الموضع الثاني: المولي، وهو كالعنين في أكثر ما ذكر، وإذا طلق عنين أو مول قبل الوطئ زوجته بعد أن حلفا على الوطئ فليس لهما رجعة لأنها المصدقة بيمينها في إنكارها الوطئ لدفع رجعتها وإن صدق الأول لدفع العنة، والثاني لدفع المطالبة عنه، إذ لا يلزم من تصديق الشخص للدفع عن نفسه تصديقه لاثبات حق له على غيره، إذ اليمين حجة ضعيفة. ونظروا ذلك بمسألتين: الأولى: إذا صدقنا الوديع في تلف الوديعة ثم ظهرت مستحقة وغرمه مستحقها بدلها لم يرجع به على المودع أنها لم تتلف، فيمين الوديع دافعة عنه الغرم غير مثبتة له الرجوع الثانية: دار في يد اثنين ادعى أحدهما جميعها وقال الآخر: بل هي بيننا نصفين صدق الآخر بيمينه. فإذا باع مدعي الكل نصيبه من ثالث ليس للآخر الاخذ بالشفعة، لأن يمينه رفعت الاخذ فلا تكون مثبتة له حقا. الموضع الثالث:
مطلقة ادعت الوطئ قبل الطلاق لتستوفي المهر وأنكره فأتت بولد لزمان يلحقه ظاهرا، فالقول قولها بيمينها إن لم ينفه لترجيح جانبها بالولد، وكذا نقلاه في الشرح والروضة عن الأئمة وأقراه. وأورد على حصرهما مسائل: الأولى: إذا ادعت البكارة المشروطة وأنها زالت بوطئه فتصدق بيمينها لدفع الفسخ. الثانية: إذا ادعت المطلقة ثلاثا أن المحلل وطئها وفارقها
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460