مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٤
قدرته على الوطئ ووصلت إلى حقها منه. فإن قيل: الجب كذلك. أجيب بأن الجب حصل به اليأس بخلاف العنة. فإن قيل: الوطئ حق للزوج بدليل أنه لو امتنع منه دائما لا خيار لها ولا يأثم بتركه ولا يدخل في القسم بين الزوجات فله أن يطأ بعضهن ويترك بعضهن، فقولهم إنها استوفت حقها منه يدل على أن لها حقا في ذلك. أجيب بأن محله ما دامت مترجية للوطئ فإن داعية الزوج كافية في ذلك، فإذا أيست منه أثبتوا لها الخيار لتضررها. (أو) حدث (بها) عيب (تخير) الزوج قبل الدخول وبعده (في الجديد) كما لو حدث به، والقديم: لا، لتمكنه من الخلاص بالطلاق بخلافها، ورد بتضرره بنصف الصداق أو كله. قال ابن الرفعة: ولا يبعد على الجديد أن يكون حديث الرتق والقرن بعد الوطئ لحدوث الجب في الخلاف اه‍. وهو ظاهر. قال ابن شهبة: وصرح به القاضي حسين في النفقات.
فرع: لو حدث به وجب فرضيت ثم حدث بها رتق أو قرن فهل يثبت له الخيار أم لا لقيام المانع به؟ قال الزركشي: فيه نظر اه‍. والأوجه ثبوته. (ولا خيار لولي) بنسب أو غيره كسيد، (بحادث) من العيب بالزوج، إذ لا عار عليه في العرف بخلافه في الابتداء، ولهذا لو عتقت تحت عبد ورضيت به ليس له الفسخ وإن كان له المنع ابتداء من نكاح الرقيق. (وكذا بمقارن جب وعنة) للعقد لاختصاصها بالضرر ولا عار عليه. فإن قيل: العنة لا تثبت إلا بعد العقد فكيف صورتها؟ أجيب بتصويره بما إذا تزوجها وعرف الولي عنته ثم طلقها وأراد تجديد نكاحها.
فإن قيل: هذا معترض بأنه قد يعن في نكاح دون نكاح كما هو الأصح. أجيب بأن الأصل الاستمرار. (ويتخير) الولي (بمقارن جنون) للزوج وإن رضيت به الزوجة لتعيره بذلك، (وكذا جذام وبرص) مقارنان يتخير الولي بكل منهما (في الأصح) للعار وخوف العدوي للنسل، والثاني: المنع، لاختصاص الضرر بالمرأة، فإذا فسخ من ثبت له الخيار بعيب ظنه ثم تبين أنه ليس بعيب بطل الفسخ. (والخيار) في الفسخ بهذه العيوب إذا ثبت يكون (على الفور) لأنه خيار عيب فكان على الفور كما في البيع. والمعنى بكونه على الفور أن المطالبة والرفع إلى الحاكم يكونان على الفور، ولا ينافي ذلك ضرب المدة في العنة فإنها حينئذ تتحقق، وإنما يؤمر بالمبادرة إلى الفسخ بعد تحقق العيب، ولو ادعى جهل الفور فقياس ما تقدم في الرد بالعيب أنه يقبل لخفائه على كثير من الناس. ولو قال أحدهما: علمت بعيب صاحبي وجهلت الخيار قبل قوله بيمينه إن أمكن وإلا فلا. (والفسخ) منه أو منها بعيب فيها أو فيه مقارن للعقد أو حادث (قبل دخول يسقط المهر) ولا متعة لها أيضا، لأنه إن كان العيب به فهي الناسخة فلا شئ لها، وإن كان بها فسبب الفسخ معنى وجد فيها فكأنها هي الفاسخة. (و) الفسخ (بعده) أي الدخول بأن لم يعلم به إلا بعده (الأصح) وفي الروضة الصحيح المنصوص، (أنه يجب مهر مثل إن فسخ) النكاح (بمقارن) للعقد (أو) فسخ ( بحادث بين العقد والوطئ جهله الواطئ) إن كان بالموطوءة وجهلته هي إن كان بالواطئ لأنه قد استمتع بمعيبة، وهو إنما بذل المسمى على ظن السلامة ولم تحصل، فكان العقد جرى في الأول بلا تسمية، ويجعل اقترانه بالوطئ المقارن للمهر في الثاني كالاقتران بالعقد فكأنه أيضا جرى بلا تسمية، ولان قضية الفسخ رجوع كل منهما إلى عين حقه أو إلى بدله إن تلف فيرجع الزوج إلى عين حقه وهو المسمى والزوجة إلى بدل حقها وهو مهر المثل لفوات حقها بالدخول.
وبما تقرر من أن ما ذكر صير التسمية كالعدم سقط ما قيل: الفسخ إن رفع العقد من أصله فالواجب مهر المثل مطلقا أو من حينه فالمسمى كذلك، وأجاب السبكي عما قيل بأن الذي يختاره هنا وفي الإجارة أنه يرفعه من حين حدوث سببه لا من أصل العقد ولا من حين الفسخ، وعليه يستقيم هذا التفصيل والنكاح والإجارة من واد واحد. لأن المعقود عليه فيهما المنافع، وهي لا تقبض حقيقة إلا بالاستيفاء بخلاف البيع، فإن القبض فيه مقرر، وأما الفسخ
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460