الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٤
عن نقلها لأنه عرضها للتلف. نعم إن نقلها يظن أنها ملكه ولم ينتفع بها لم يضمن. وكأن يودعها غيره ولو قاضيا بلا إذن من المودع ولا عذر له لأن المودع لم يرض بذلك بخلاف ما لو أودعها غيره لعذر كمرض وسفر، وله استعانة بمن يحملها لحرز أو يعلفها أو يسقيها لأن العادة جرت بذلك، وعليه لعذر كإرادة سفر ومرض ردها لمالكها أو وكيله فإن فقدهما ردها للقاضي، وعليه أخذها فإن فقده ردها الأمين ولا يكلف تأخير السفر. ويغني عن الرد إلى القاضي أو الأمين الوصية بها إليه، فهو مخير عند فقد المالك ووكيله بين ردها للقاضي والوصية بها إليه، وعند فقد القاضي بين ردها للأمين والوصية بها إليه. والمراد بالوصية بها الاعلام بها، والامر بردها مع وصفها بما تتميز به أو الإشارة لعينها، ومع ذلك يجب الاشهاد كما في الرافعي عن الغزالي، فإن لم يردها ولم يوص بها لمن ذكر كما ذكر، ضمن إن تمكن من ردها أو الايصاء بها لأنه عرضها للفوات، وكأن يدفنها بموضع ويسافر ولم يعلم بها أمينا يراقبها لأنه عرضها للضياع، بخلاف ما إذا أعلم بها من ذكر لأن إعلامه بها بمنزلة إيداعه فشرطه فقد القاضي، وكأن لا يدفع متلفاتها كترك تهوية ثياب صوف أو ترك لبسها عند حاجتها لذلك وقد علمها لأن الدود يفسدها بترك ذلك، وكل من الهواء وعبوق رائحة الآدمي بها يدفعه، أو ترك علف دابة - بسكون اللام - لأنه واجب عليه لأنه من الحفظ، لا إن نهاه عن التهوية واللبس والعلف فلا يضمن لكنه يعصي في مسألة الدابة لحرمة الروح، فإن أعطاه المالك علفا علفها منه وإلا راجعه أو وكيله ليعلفها أو يستردها، فإن فقدهما راجع القاضي ليقترض على المالك أو يؤجرها أو يبيع جزءا منها في علفها بحسب ما يراه، وكأن تلفت بمخالفة حفظ مأمور به كقوله: لا ترقد على الصندوق الذي فيه الوديعة فرقد وانكسر بثقله وتلف ما فيه بانكساره، لا إن تلف بغيره كسرقة فلا يضمن، ولا إن نهاه عن قفلين فأقفلهما لأن رقاده وقفله ذلك زيادة في الحفظ. ثم شرع في الحكم الثاني وهو الرد بقوله: (وقول المودع) بفتح الدال (مقبول في ردها على المودع) بكسرها بيمينه وإن أشهد عليه بها عند دفعها لأنه ائتمنه.
تنبيه: ما ذكره المصنف يجري في كل أمين كوكيل وشريك وعامل قراض وجاب في رد ما جباه على الذي استأجره للجباية كما قاله ابن الصلاح. وضابط الذي يصدق بيمينه في الرد هو كل أمين ادعى الرد على من ائتمنه صدق بيمينه، إلا المرتهن والمستأجر فإنهما لا يصدقان في الرد لأنهما أخذا العين لغرض أنفسهما، فإن ادعى الرد على غير من ائتمنه كوارث المالك، أو ادعى وارث المودع - بفتح الدال - رد الوديعة على المالك، أو أودع المودع عند سفره أمينا فادعى الأمين الرد على المالك، طولب كل ممن ذكر ببينة بالرد على من ذكر إذ الأصل عدم الرد ولم يأتمنه. القول في ما يجب على الوديع (وعليه) أي الوديع (أن يحفظها) أي الوديعة لمالكه أو وارثه (في حرز مثلها) فإن أخر إحرازها مع التمكن أو دل عليها سارقا بأن عين له مكانها وضاعت بالسرقة، أو دل عليها من يصادر المالك بأن عين له موضعها فضاعت بذلك ضمنها لمنافاة ذلك للحفظ بخلاف ما إذا أعلم بها غيره. فلو أكره الوديع ظالم على تسليم الوديعة حتى سلمها إليه فللمالك تضمين الوديع لتسليمه ثم يرجع على الظالم لاستيلائه عليها، ويجب على الوديع إنكار الوديعة من الظالم والامتناع من إعلامه بها جهده، فإن ترك ذلك مع القدرة عليه ضمن وله أن يحلف على ذلك لمصلحة حفظها. قال الأذرعي: ويتجه وجوب الحلف إذا كانت الوديعة رقيقا والظالم يريد قتله أو الفجور به، ويجب أن يوري في يمينه إذا حلف وأمكنه التورية وكان يعرفها لئلا يحلف كاذبا، فإن لم يور كفر عن يمينه لأنه كاذب فيها. فإن حلف بالطلاق أو العتق مكرها عليه أو على اعترافه
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302