الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٩
والأصل مقدم على الفرع فخرج بقولنا: وليس فرعا لغيره المعتق ذكرا كان أو أنثى، فإنه وإن أدلى إلى الميت بنفسه يحجب لأنه فرع لغيره وهو النسب، وهذا أولى من قول بعضهم وضابط من لا يدخل عليه الحجب بالشخص حجب حرمان كل من أدلى إلى الميت بنفسه إلا المعتق والمعتقة. القول في الحجب بالوصف ثم شرع في الحجب بالوصف بقوله: (ومن) أي الذي (لا يرث بحال) أي مطلقا سبعة بل أكثر كما ستعرفه الأول:
(العبد) قال ابن حزم وهو يشمل الذكر والأنثى. وقال في المحكم: العبد وهو المملوك ذكرا كان أو أنثى.
(و) الثاني: الرقيق (المدبر و) الثالث: (أم الولد و) الرابع: الرقيق (المكاتب) لنقصهم بالرق. وكان الاخصر للمصنف أن يقول أربعة بدل سبعة، ويعبر عن هؤلاء بالرق إلى آخر كلامه.
تنبيه: إطلاقه مشعر بأنه لا فرق بين كامل الرق وغيره، وهو كذلك إذ الصحيح أن المبعض لا يرث بقدر ما فيه من الحرية لأنه ناقص بالرق في النكاح والطلاق والولاية فلم يرث كالقن ولا يورث الرقيق كله، وأما المبعض فيورث عنه ما ملكه ببعضه الحر لأنه تام الملك عليه فيرثه عنه قريبه الحر أو معتق بعضه وزوجته، ولا شئ لسيده لاستيفائه حقه مما اكتسبه بالرقية. واستثنى من كون الرقيق لا يورث كافر له أمان وجبت له جناية حال حريته وأمانه، ثم نقض الأمان فسبي واسترق وحصل الموت بالسراية في حال رقه، فإن قدر الأرش من قيمته لورثته على الأصح قال الزركشي وليس لنا رقيق كله يورث إلا هذا. (و) الخامس (القاتل) فلا يرث القاتل من مقتوله مطلقا لخبر الترمذي وغيره: ليس للقاتل شئ أي من الميراث، ولأنه لو ورث لم يؤمن إذ يستعجل بالقتل فاقتضت المصلحة حرمانه، ولان القتل قطع الموالاة وهي سبب الإرث. وسواء أكان القتل عمدا أم غيره، مضمونا أم لا، بمباشرة أم لا قصد مصلحته كضرب الأب أو الزوج أو المعلم أم لا مكرها أم لا فكل ذلك تناوله إطلاقه (و) السادس (المرتد) ونحوه كيهودي تنصر فلا يرث أحدا إذ ليس بينه وبين أحد موالاة في الدين لأنه ترك دينا كان يقر عليه، ولا يقر على دينه الذي انتقل إليه وظاهر كلامهم أنه لا يرث ولو عاد بعده للاسلام بعد موت مورثه وهو كذلك كما حكى الاجماع عليه الأستاذ أبو منصور البغدادي، وما وقع لابن الرفعة في المطلب من تقييده بما إذا مات مرتدا، وأنه إذا أسلم تبين إرثه غلطه في ذلك صاحبه السبكي في الابتهاج.
وقال إنه فيه خارق للاجماع.
تنبيه: تناول إطلاق المصنف المعلن وغيره وهو كذلك، وكما لا يرث المرتد لا يورث لما مر لكن لو قطع شخص طرف مسلم فارتد المقطوع ومات سراية وجب قود الطرف ويستوفيه من كان وارثه لولا الردة، ومثله حد القذف. (و) السابع (أهل ملتين) مختلفتين كملتي الاسلام والكفر، فلا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم لانقطاع الموالاة بينهما. وانعقد الاجماع على أن الكافر لا يرث المسلم، واختلفوا في توريث المسلم منه، فالجمهور على المنع. فإن قيل: يرد على ما ذكر ما لو مات كافر عن زوجة كافرة حامل ووقف الميراث فأسلمت ثم ولدت فإن الولد يرث منه مع حكمنا بإسلامه بإسلام أمه. أجيب بأنه كان محكوما بكفره يوم موت أبيه وقد ورث مذ كان حملا ولهذا قال الكتاني من محققي المتأخرين: إن لنا جمادا يملك وهو النطفة، واستحسنه السبكي. قال الدميري: وفيه نظر إذ الجماد ما ليس بحيوان ولا كان حيوانا.
يعني ولا أصل حيوان. وخرج بملتي الاسلام والكفر ملتا الكفر إذا كان لهما عهد فيتوارثان كيهودي من نصراني، ونصراني من مجوسي، ومجوسي من وثني وبالعكس لأن جميع ملل الكفر في البطلان كالملة الواحدة قال تعالى: * (فماذا بعد الحق إلا الضلال) *. فإن قيل: كيف يتصور إرث اليهودي من النصراني وعكسه فإن الأصح أن من انتقل من ملة إلى ملة لا يقر؟ أجيب بتصور ذلك في الولاء والنكاح وفي النسب أيضا فيما إذا كان أحد أبويه يهوديا والآخر نصرانيا، أما بنكاح أو وطئ شبهة فإنه يتخير بعد بلوغه كما قاله الرافعي قبيل نكاح المشرك حتى لو كان له ولدان واختار أحدهما اليهودية
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302