الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦
وأما الذي لا يخلف كالقار في إناء أو حوض مسدود فلا يجب بذل فضله على الصحيح، والفرق أنه في صورة الاستخلاف لا يلحقه ضرر، بالاحتياج إليه في المستقبل بخلافه في غيره. والشرط الرابع أن يكون بقرب الماء كلا مباح ترعاه المواشي، وإلا فلا يجب على المذهب لخبر الصحيحين:
لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ أي من حيث إن الماشية إنما ترعى بقرب الماء، فإذا منع من الماء فقد منع من الكلأ.
والشرط الخامس أن لا يجد مالك الماشية عند الكلأ ماء مباحا وإلا فلا يجب بذله. والشرط السادس أن لا يكون على صاحب البئر في ورود الماشية إلى مائه ضرر في زرع ولا ماشية، فإن لحقه في ورودها ضرر منعت، لكن يجوز للرعاة استقاء فضل الماء لها ولا يجب بذله لزرع الغير كسائر المملوكات، وإنما وجب بذله للماشية لحرمة الروح، ولا يجب بذل فضل الكلأ لأنه لا يستخلف في الحال ويتمول في العادة وزمن رعيه يطول بخلاف الماء، وحيث لزمه بذل الماء للماشية لزمه أن يمكنها من ورود البئر إن لم يضر به وإلا فلا كما مر وحيث وجب البذل لم يجز أخذ عوض عليه وإن صح بيع الطعام للمضطر لصحة النهي عن بيع فضل الماء رواه مسلم. ولا يجب على من وجب عليه البذل إعارة آلة الاستقاء.
تتمة: يشترط في بيع الماء التقدير بكيل أو وزن لا بري الماشية والزرع، والفرق بينه وبين جواز الشرب من ماء السقاء بعوض، أن الاختلاف في شرب الآدمي أهون منه في شرب الماشية والزرع ويجوز الشرب وسقي الدواب من الجداول والأنهار المملوكة إن كان السقي لا يضر بمالكها إقامة للاذن العرفي مقام اللفظي قاله ابن عبد السلام. ثم قال: نعم لو كان النهر لمن لا يعتبر إذنه كاليتيم والأوقاف العامة فعندي فيه وقفة انتهى. والظاهر الجواز. والقناة أو العين المشتركة يقسم ماؤها عند ضيقه عنهم بنصب خشبة في عرض النهر فيها ثقب متساوية أو متفاوتة على قدر الحصص من القناة أو العين، وللشركاء القسمة مهايأة وهي أمر يتراضون عليه كأن يسقي كل منهم يوما، أو بعضهم يوما وبعضهم أكثر بحسب حصته. وإن سقى زرعه بماء مغصوب ضمن الماء ببدله والغلة له لأنه المالك للبذر، فإن غرم البدل وتحلل من صاحب الماء كانت الغلة أطيب له مما لو غرم البدل فقط، ولو أشعل نارا في حطب مباح لم يمنع أحدا الانتفاع بها ولا الاستصباح منها، فإن كان الحطب له فله المنع من الاخذ منها كالماء لا الاصطلاء بها ولا الاستصباح منها.
فصل: في الوقف هو والتحبيس والتسبيل بمعنى وهو لغة: الحبس. يقال وقفت كذا أي حبسته. ولا يقال أوقفته في لغة تميمية وهي رديئة وعليها العامة، وهو عكس حبس فإن الفصيح أحبس وأما حبس فلغة رديئة. وشرعا: حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود، ويجمع على وقوف وأوقاف. والأصل فيه قبل الاجماع قوله تعالى: * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * فإن أبا طلحة لما سمعها رغب في وقف بيرحاء وهي أحب أمواله إليه. وخبر مسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له والصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف كما قاله الرافعي. القول في أركان الوقف وأركانه أربعة: واقف وموقوف وموقوف عليه وصيغة. والمصنف ذكر بعضها معبرا عنه بالشروط فقال: (والوقف) أي من مختار أهل تبرع (جائز) أي
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302