الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٩٥
فأعتق الأب عبدا ومات ثم مات العتيق فقالوا: ميراثه بين الأخ والأخت لأنهما معتقا معتقه وهو غلط، وإنما الميراث للأخ وحده والولاء لاعلى العصبات في الدرجة والقرب، مثاله ابن المعتق مع ابن ابنه فلو مات المعتق عن ابنين أو أخوين فمات أحدهما وخلف ابنا فالولاء لعمه دونه. وإن كان هو الوارث لأبيه فلو مات الآخر وخلف تسعة بنين فالولاء بين العشرة بالسوية ولو أعتق عتيق أبا معتقة فلكل منهما الولاء على الآخر وإن أعتق أجنبي أختين لأبوين أو لأب فاشترتا أباهما فلا ولاء لواحدة منهما على الأخرى. ولو أعتق كافر مسلما وله ابن مسلم وابن كافر ثم مات العتيق بعد موت معتقه فولاؤه للمسلم فقط. ولو أسلم الآخر قبل موته فولاؤه لهما ولو مات في حياة معتقة فميراثه لبيت المال (ولا يجوز بيع الولاء ولا هبته) لأن الولاء كالنسب فكما لا يصح بيع النسب ولا هبته، فكذلك لا يصح بيع الولاء ولا هبته ولأنه (ص) نهى عن بيع الولاء وهبته متفق عليه.
تتمة: لو نكح عبد معتقة فأتت بولد فولاؤه لموالي الام لأنه المنعم عليه فإنه عتق بإعتاق أمه فإذا عتق الأب انجر الولاء من موالي الام إلى موالي الأب لأن الولاء فرع النسب والنسب إلى الآباء دون الأمهات وإنما ثبت لموالي الام لعدمه من جهة الأب، فإذا أمكن عاد إلى موضعه. ومعنى الانجرار أن ينقطع من وقت عتق الأب عن موالي الام فإذا انجر إلى موالي الأب فلم يبق منهم أحد لم يرجع إلى موالي الام بل يكون الميراث لبيت المال ولو مات الأب رقيقا وعتق الجد انجر الولاء من موالي الام إلى موالي الجد لأنه كالأب فإن أعتق الجد والأب رقيق انجر الولاء من موالي الام إلى موالي الجد أيضا. فإن أعتق الأب بعد الجد انجر الولاء من موالي الجد إلى موالي الأب لأن الجد إنما جره لكون الأب كان رقيقا فإذا عتق كان أولى بالجر لأنه أقوى من الجد في النسب ولو ملك هذا الولد الذي ولاؤه لموالي أمه أباه جر ولاء إخوته لأبيه من موالي أمهم إليه ولا يجر ولاء نفسه لأنه لا يمكن أن يكون له على نفسه ولاء، ولهذا لو اشترى العبد نفسه أو كاتبه سيده وأخذ النجوم كان الولاء عليه لسيده كما مرت الإشارة إليه.
فصل: في التدبير وهو لغة النظر في عواقب الأمور، وشرعا تعليق عتق بالموت الذي هو دبر الحياة فهو تعليق عتق بصفة لا وصية ولهذا لا يفتقر إلى إعتاق بعد الموت ولفظه مأخوذ من الدبر لأن الموت دبر الحياة وكان معروفا في الجاهلية فأقره الشرع والأصل فيه قبل الاجماع خبر الصحيحين: أن رجلا دبر غلاما ليس له مال غيره فباعه النبي (ص) فتقريره (ص) له وعدم إنكاره يدل على جوازه. (وأركانه ثلاثة) صيغة ومالك ومحل وهو الرقيق وشرط فيه كونه رقيقا غير أم ولد لأنها تستحق العتق بجهة أقوى من التدبير. ويشترط في الصيغة لفظ يشعر به وفي معناه: ما مر في الضمان وهو إما صريح كما يؤخذ من قوله: (ومن قال لعبده إذا مت) أنا (فأنت حر) أعتقتك أو حررتك بعد موتي أو دبرتك أو أنت مدبر وإما كناية وهو ما يحتمل التدبير وغيره كخليت سبيلك أو حسبتك بعد موتي ناويا العتق. (فهو مدبر) وحكمه أنه (يعتق) عليه (بعد وفاته) أي السيد محسوبا (من ثلث ماله) بعد الدين وإن وقع التدبير في الصحة ولو استغرق الدين التركة لم يعتق منه شئ أو نصفها وهي هو فقط بيع نصفه في الدين وعتق ثلث الباقي منه وإن لم يكن دين ولا مال غيره عتق ثلثه.
فائدة: الحيلة في عتق الجميع بعد الموت، وإن لم يكن له مال سواه أن يقول هذا الرقيق حر قبل
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302