الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٣
فلا تملك إلا بالقبض، وخرج بالصحيحة الفاسدة فلا تملك بالقبض. وبغير الضمنية كما لو قال: أعتق عبدك عني مجانا فإنه يعتق عنه ويسقط القبض في هذه الصورة كما يسقط القبول إذا كان التماس العتق بعوض كما ذكره في باب الكفارات، وبغير ذات الثواب ذاته فإنه إذا سلم الثواب استقل بالقبض لأنه بيع.
تنبيه: شمل كلامه هبة الأب لابنه الصغير أنها لا تملك إلا بالقبض كما هو مقتضى كلامهم في البيع ونحوه، خلافا لما حكاه ابن عبد البر. ولا بد أن يكون القبض بإذن الواهب فيه إن لم يقبضه الواهب، سواء كان في يد المتهب أم لا فلو قبض بلا إذن ولا إقباض لم يملكه، ودخل في ضمانه سواء أقبضه في مجلس العقد أم بعده ولا بد للموهوب له من إمكان السير إليه إن كان غائبا، وقد سبق بيان القبض إلا أنه هنا لا يكفي الاتلاف ولا الوضع بين يديه بغير إذنه لأنه غير مستحق القبض بخلاف البيع، فلو مات الواهب أو الموهوب له قام وارث الواهب مقامه في الاقباض والاذن في القبض ووارث المتهب في القبض، ولا تنفسخ بالموت ولا بالجنون ولا بالاغماء لأنها تؤول إلى اللزوم كالبيع في زمن الخيار. القول في الرجوع في الهبة (وإذا قبضها الموهوب له) أي الهبة الشاملة للهدية والصدقة (لم يكن للواهب) حينئذ (الرجوع فيها إلا أن يكون) الواهب (والدا) وكذا سائر الأصول من الجهتين ولو مع اختلاف الدين على المشهور، سواء أقبضها الولد أم لا غنيا كان أم فقيرا، صغيرا أم كبيرا لخبر: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده رواه الترمذي والحاكم وصححاه والولد يشمل كل الأصول إن حمل اللفظ على حقيقته ومجازه، وإلا ألحق به بقية الأصول بجامع أن لكل ولادة كما في النفقة وحصول العتق وسقوط القود.
تنبيه: محل الرجوع فيما إذا كان الولد حرا، أما الهبة لولده الرقيق فهبة لسيده، ومحله أيضا في هبة الأعيان. أما لو وهب لولده دينا له عليه فلا رجوع سواء قلنا إنه تمليك أم إسقاط إذ لا بقاء للدين، فأشبه ما لو وهبه شيئا فتلف، وشرط رجوع الأب أو أحد سائر الأصول بقاء الموهوب في سلطنة الولد. ويدخل في السلطنة ما لو أبق الموهوب أو غصب فيثبت الرجوع فيهما، وخرج بهما ما لو جنى الموهوب أو أفلس المتهب وحجر عليه فيمتنع الرجوع، نعم لو قال: أنا أؤدي أرش الجناية وأرجع مكن في الأصح، ويمتنع الرجوع أيضا ببيع الولد الموهوب أو وقفه أو عتقه أو نحو ذلك مما يزيل الملك عنه: وقضية كلامهم امتناع الرجوع بالبيع وإن كان البيع من أبيه الواهب وهو كذلك، ولا يمنع الرجوع رهنه ولا هبته قبل القبض لبقاء السلطنة لأن الملك له، وأما بعد القبض فلا رجوع له لزوال سلطنته، ولا يمنع أيضا تعليق عتقه ولا تدبيره ولا تزويج الرقيق ولا زراعة الأرض ولا إجارتها لأن العين باقية بحالها، نعم يستثنى من الرجوع مع بقاء السلطنة صور: منها ما لو جن الأب فإنه لا يصح رجوعه حال جنونه، ولا رجوع وليه بل إذا أفاق كان له الرجوع ذكره القاضي أبو الطيب.
ومنها ما لو أحرم والموهوب صيد فإنه لا يرجع في الحال لأنه لا يجوز إثبات يده على الصيد في حال الاحرام ومنها ما لو ارتد الوالد، وفرعنا على وقف ملكه وهو الراجح، فإنه لا يرجع لأن الرجوع
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302