(فرع) قال محمد بن عبد الرحمن الحضرمي في كتاب الاكمال كما وقع في التنبيه من الاشكال والاجمال قال الشافعي رحمه الله ولو باع أمة ذات لبن بلبن آدمية جاز بخلاف شاة في ضرعها لبن بلبن شاة والفرق بينهما ان لبن الشاة في الشرع له حكم العين فلهذا لا يجوز عقد الإجارة عليه ولبن الآدمية ليس له حكم العين بل هو كالمنفعة ولهذا جوزنا عقد الإجارة عليه (قلت) وهذا النقل غريب والتعليل حسن وفيه نظر وقد تقدم حكاية خلاف في أن لبن الآدمية هل يكون من جنس الألبان (إذا قلنا) بان الألبان جنس واحد أم لا ولا يرد ذلك هنا لان الكلام هناك إذا كان منفصلا فإنه يثبت له حكم الأعيان وهنا الألبان في الثدي هو الذي ادعي انه ليس له حكم العين بل حكم المنفعة فلذلك قال يصح لأنه لم يضم إلى الجارية عينا أخرى ولم أجد هذا الفرع الا في هذا الكتاب فلا أدري هل الفرق من كلامه أو من كلام الشافعي ويعضده المذهب المشهور في أن الجارية المصراة لا يرد معها بدل اللبن وفيه وجه أنه يرد فعلى قياس ذلك الوجه قد يقال ينبغي أن يقال هنا بامتناعها بلبن آدمي لأنه سلك به مسلك العين وان باعها بلبن شاة أو بقرة فعلى المذهب المشهور وما نقله الحضرمي عن النص يكون الجواز من طريق الأولى وعلى الوجه الذي حكيناه في التصرية ينبغي أن يتخرج على أن الألبان أجناس أولا (فان جعلناها) أجناسا جاز (وان جعلناها) جنسا فيتخرج على خلاف تقدم في أن لبن الآدمي من جملتها أم لا (فان قلنا) لا جاز (وان قلنا) من جنسها فقياس ذلك الوجه المنع (وأما) التمسك بجواز الإجارة عليه في كونه يسلك به مسلك المنافع ففيه وفى تسويغ الإجارة عليه في باب الإجارة فالاستدلال بالحكم الثابت في التصرية أولى والله أعلم.
(١٥٦)