فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٤ - الصفحة ٦١٠
أن الوجوب بأول الوقت وقد سبق في موضعه (فان قيل) الوجوب وإن ثبت في أول الوقت لكنه موسع فلم يمتنع السفر قبل التيضق (قلنا) الناس في هذه الصورة تبع الامام فلو عجلها تعينت متابعته وسقطت خيرة الناس فيه وإذا كان كذلك فلا يدرى متي يقيم الامام الصلاة فيتعين عليه انتظار ما يكون ذكر هذا الجواب إمام الحرمين رحمة الله عليه وأما قبل الزوال وبعد طلوع الفجر الثاني هل يجوز انشاء السفر فيه قولان (قال في القديم) وحرمله يجوز وبه قال مالك وأبو حنيفة رحمهما الله لأنه لم يدخل وقت وجوب الجمعة فأشبه السفر قبل طلوع الفجر (وقال في الجديد) لا يجوز قال أصحابنا العراقيون وهو الأصح لان الجمعة وإن كان يدخل وقتها بالزوال فهي مضافة إلى اليوم ولذلك يعتد بغسل الجمعة قبل الزوال ويجب السعي إليها لمن بعد داره قبل الزوال وعن أحمد روايتان كالقولين (أظهرهما) المنع وحكى في النهاية طريقة أخرى قاطعة بالجواز مؤولة قول المنع ولك أن تعلم قوله في الكتاب قولان بالواو إشارة إليها ويجوز أن يعلم لفظ الجواز من قوله أقيسهما الجواز بالألف إشارة إلى الظاهر من مذهب أحمد والحكم بان الجواز أقيس لا ينافي كون المنع أظهر لأنه قد يكون أحد طرفي الخلاف أقرب إلى القياس وإن كان الثاني أظهر فإذا ليس ما في الكتاب مخالفا لما قاله العراقيون وذكر في العدة أن ظاهر مذهب الشافعي رضي الله عنه قوله الجديد والفتوى على القديم وهو الجواز ثم للقولين شرط (أحدها) وقد ذكره في الكتاب أن يكون السفر مباحا كالزيارة والتجارة أما لو كان واجبا كالحج والجهاد في بعض الأحوال أو مندوبا فلا منع منهما وذلك ليس موضع القولين هكذا قاله كثير من أئمتنا * واحتجوا عليه بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في سرية فوافق يوم الجمعة فغدا أصحابه وتخلف هو ليصلى ويلحقهم فلما صلى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خلفك قال أردت أن أصلي معك ثم ألحقهم فقال لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أدركت فضل غزوتهم " (1) وفى كلام العراقيين وإيرادهم ما يوجب طرد الخلاف في سفر الغزود والله أعلم
(٦١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 605 606 607 608 609 610 611 612 613 614 615 ... » »»
الفهرست