الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ١٦
[في كفارة حنث الأيمان] مسألة 30: إذا حلف على أمر مستقبل أن يفعل أو لا يفعل ثم خالفه عامدا كان عليه الكفارة بلا خلاف، وإن خالفه ناسيا لم يجب عليه عندنا الكفارة، وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني عليه الكفارة.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل، وأيضا روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، وهذا نسيان.
مسألة 31: لا يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث أصلا، وإن أخرجها لم تجزئه، وقال الشافعي: تجزئه قبل الحنث إلا الصوم فإنه لا يجزئه لأنه من عبادة الأبدان، وبه قال عمر وابن عمر وابن عباس وعائشة والحسن البصري وابن سيرين ومالك والأوزاعي والليث بن سعد وأحمد وإسحاق، وزاد مالك فقال:
يجزئه تقديم الصيام على الحنث، وقال أبو حنيفة وأصحابه: كفارة اليمين تجب بسبب واحد وهو الحنث فأما عقد اليمين فليس بسبب هذا، فإذا ثبت هذا فلا يجوز تقديمها قبل وجوبها بحال بالمال ولا بغير المال.
فأجاز أبو حنيفة تقديم الزكاة على وجوبها ولم يجوز تقديم الكفارة قبل وجوبها، وأجاز مالك تقديمها قبل الحنث ولم يجوز تقديم الزكاة قبل وجوبها، وأجاز الشافعي التقديم فيها، وعندنا لا يجوز فيهما.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا فالكفارة إذا وجبت لا تبرأ الذمة منها بيقين إلا إذا أخرجها بعد الحنث، فأما إذا أخرجها قبله فلا دلالة على براءة ذمته، وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير، وليكفر عن اليمين فأمره بالتأخير عن الحنث، وفي بعضها: ثم ليكفر عن يمينه بلفظ " ثم " وهذا نص.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»