____________________
(1) الجنابة الواردة في الروايتين المتقدمتين إن أخذت في موضوع الحكم بالنجاسة بما هي جنابة إذا كانت عن حرام، وفي موضوع الحكم بالطهارة إذا كانت عن حلال، أو أخذت كذلك في موضوع الحكم بالمانعية عن الصلاة فلا ينبغي الاشكال حينئذ في أن العبرة بالوجود الأول فإن كان من حرام حكم بنجاسة عرقه وإلا حكم بطهارته وذلك لأجل أن لا معنى للجنابة بعد الجنابة وإن الجنب لا يجنب ثانيا، والمعلول يستند إلى أسبق علله فالجنابة تستند إلى العمل الحرام السابق. وأما العمل الثاني فهو غير مسبب للجنابة بوجه. وأما إذا قلنا أن الجنابة في الروايتين إنما أخذت في موضوع الحكمين المتقدمين بما هي عنوان مشير إلى سببها وموجبها لا بما هي جنابة - فكأنهما دلتا على أن سبب الجنابة إذا كان محرما يحكم بنجاسة عرق الجنب وبمانعيته في الصلاة وإن كان سببها محللا فلا يحكم بشئ منهما - فلا كلام حينئذ في أنه صدر منه سببان وفعلان أحدهما محرم والآخر حلال فيحكم بنجاسة عرقه ومانعيته من الصلاة سواء في ذلك تقدم الحرام وتأخره. وقد يتوهم حينئذ أن جملتي الرواية متعارضتان، لأن مقتضى إحدى الجملتين طهارة عرقه في مفروض المسألة، لأنه أتى بسبب جنابة وهو حلال ومقتضاه طهارة عرق الجنب وعدم مانعيته عن الصلاة، كما أن مقتضى الجملة الثانية نجاسته ومانعيته لأنه أتى بسبب جنابة وهو حرام وهو يقتضي نجاسة العرق ومانعيته ولأجل ذلك تتعارضان فتسقطان فلا يبقى دليل على نجاسة عرق الجنب ولا على مانعيته عن الصلاة في مفروض الكلام فإن مقتضى قاعدة الطهارة طهارة عرقه كما أن الأصل عدم مانعيته عن الصلاة. إلا أن هذه الدعوى بمكان من الفساد وذلك لأن الجنابة من الحرام - أعني السبب المحرم - وإن كانت مقتضية للنجاسة والمانعية عن الصلاة إلا أن الجنابة من الحلال - أعني السبب