شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٥
اختلاف الجهتين (37) انما هو باعتبار العقل واما في الوجود فتتحد الجهات كلها، فان الظهور والبطون (38) وجميع الصفات الوجودية المتقابلة مستهلكة في عين الوجود فلا مغايرة الا في اعتبار العقل. والصفات السلبية مع كونها عايدة إلى العدم، أيضا راجعة إلى الوجود من وجه (39)، فكل من الجهات المتغايرة من حيث وجودها العقلي عين باقيها (40) ولكونهما (41) مجتمعين في عين الوجود يجتمعان أيضا في العقل إذ لو لا وجود هما فيه لما اجتمعا (42)، وعدم اجتماعهما في الوجود الخارجي الذي هو نوع من أنواع الوجود المطلق لا ينافي اجتماعهما في الوجود من حيث هو هو (43). ولا يقبل الانقسام والتجزي أصلا خارجا وعقلا لبساطته، فلا جنس له ولا فصل فلا حد له (44).
ولا يقبل الاشتداد (45) والضعف (46) في ذاته (47) لأنهما لا يتصوران الا في الحال القار كالسواد والبياض الحالين في محلين، أو الغير القار متوجها إلى غاية ما من الزيادة أو النقصان كالحركة والزيادة والنقصان والشدة والضعف يقع عليه بحسب ظهوره وخفائه في بعض مراتبه كما في القار الذات (48) كالجسم و غير القار الذات كالحركة والزمان (49). وهو خير محض وكلما هو خير فهو منه وبه. وقوامه بذاته لذاته إذ لا يحتاج في تحققه إلى امر خارج عن ذاته، فهو القيوم (50) الثابت بذاته والمثبت لغيره.
وليس له ابتداء والا لكان محتاجا إلى علة موجودة لا مكانه حينئذ، ولا له انتهاء والا لكان معروضا للعدم فيوصف بضده (51) أو يلزم الانقلاب (52). فهو أزلي (53) وأبدى: (فهو الأول (54) والآخر (55) والظاهر (56) والباطن (57)). لرجوع كلما ظهر في الشهادة أو بطن في الغيب إليه (58). وهو بكل شئ عليم لاحاطته بالأشياء بذاته، وحصول العلم لكل عالم انما هو بواسطته فهو أولى بذلك. بل هو الذي يلزمه جميع الكمالات (59) وبه تقوم كل من الصفات كالحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر وغير ذلك.
فهو الحي العليم المريد القادر السميع البصير بذاته لا بواسطة شئ آخر إذ به يلحق الأشياء كلها كمالاتها (60)، بل هو الذي يظهر بتجليه وتحوله في صور مختلفة

37 - أي، جهتي الضدين وغيرهما أو جهتي ماهيتهما والوجود. 12 38 - وكليهما عين الوجود.
39 - اما لأنها سلب السلب وهو الوجود، أو لان الوجود أيضا يظهر في صورها. 12 40 - في الوجود.
41 - الضدين.
42 - فان العقل وجود مقيد ولا يظهر في المقيد ما ليس في المطلق.
43 - فان ما يظهر في المقيد اما يظهر لكونه في المطلق، واما يكون في المطلق لا بد ان يظهر في المقيد. فافهم. (غلامعلى) 44 - فليس من سنخ الماهية فليس له اجزاء لا مقدارية ولا غيرها. (غلامعلى) 45 - الحركة نحو الشدة.
46 - الحركة نحو الضعف.
47 - هذا لا ينافي ما قاله صدر المتألهين من ان الوجود بنفس ذاته متفاوت بالشدة والضعف وأمثالهما، لان مراده، قدس سره، ان ما به التفاوت امر خارج عنه والتشكيك فيه خارجي ومراد الشارح، قدس سره، انه لا يتصور التفاوت عند اعتبار ذاته بلا ملاحظة المراتب و نسبة بعضها إلى بعض. ويمكن ان يكون مراده، قدس سره، من التشكيك في ظهوره، و انما أسند التشكيك إلى نفس الطبيعة باعتبار عينية الفيض للمفيض واتحاده معه. وهنا سر لطيف لا يقتضى المقام التنصيص عليه. فليتأمل. (غلامعلى) 48 - الوجود الشديد.
49 - الوجود الضعيف.
50 - بمعنى المقوم.
51 - ان كان باقيا حين عروض العدم. 12 52 - ان لم يكن باقيا.
53 - الأزل عبارة عن القبلية المعقولة المحكوم بها الله تعالى من حيث وجوبه الذاتي وما يقتضيه في كماله لا من حيث انه تقدم على الحادثات، واما الأشياء فتتصف بالأزلية الإضافية. و معنى الأبد يعلم بالقياس إلى الأزل. فافهم. (غلامعلى) 54 - باعتبار أزليته.
55 - باعتبار أبديته.
56 - باعتبار إنيته.
57 - باعتبار مقام غيبه وغنائه عن العالمين.
58 - أي يظهر عند التأمل التام ان الوجود كله من إقليم الله تعالى، فليس الرجوع بمعنى العود. 12 59 - الترقي من الأولوية إلى اللزوم ومن العلم إلى جميع الكمالات. 12 60 - فان كمالات الأشياء كمالات الوجود، فكل موجود يتصف بالكمال على قدر قبوله للوجود وتفاوت الأشياء في الكمال بحسب تفاوتها في قبول الوجود. ومنشأ ذلك التفاوت اختلاف استعداداتها الناشئة من خصوصيات صورها العلمية وهي غير مجعولة.
فليتأمل. (غلامعلى)
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»