وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ١٨
تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون، ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون، ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين، إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين، ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون، يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون، يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون) [آل عمران: 65 - 71].
لقد أنكر الله عليهم قولهم ذلك، وأمرهم برد ما لا علم لهم به إلى عالم الغيب والشهادة الذي يعلم الأمور على حقائقها، وشهد - سبحانه - بأن إبراهيم كان متحنفا عن الشرك، قاصدا إلى الإيمان، وما كان من المشركين، وأخبر - سبحانه - بأن أحق الناس بمتابعة إبراهيم، الذين اتبعوه على دينه، وهذا النبي، يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم والذين آمنوا، لأنهم على الإسلام الذي اصطفى الله به إبراهيم، وكذا كل من اتبعه دون أن يكفر بآيات الله ويلبس الحق بالباطل، ثم أخبر - تعالى - بأن طائفة من أهل الكتاب تود أن تضل الذين آمنوا بإلقاء الشبهات بينهم، وأنهم يضلون أنفسهم أولا، لأن الإنسان لا يفعل شيئا - من خير أو شر - إلا لنفسه، كما قال تعالى: (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فلها وما ربك بظلام للعبيد) [فصلت: 46]، ثم قال سبحانه: (يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون) [آل عمران:
70]، وأهل الكتاب لا ينكرون أن للعالم إلها، وإنما ينكرون أمورا من الحقائق بينتها لهم الكتب السماوية المنزلة عليهم وعلى غيرهم، كنبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكون عيسى عبد الله ورسوله، وأن إبراهيم ليس بيهودي ولا نصراني، وأن يد الله مبسوطة، وأن الله غني، وأن الدجال فتنة فيه تصب جميع الفتن، إلى غير ذلك. وقوله تعالى: (وأنتم تشهدون)، والشهادة هي الحضور والعلم عن حس، دلالة على أن المراد بكفرهم بآيات الله، إنكارهم
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست