مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ٥٦
فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال واحد منها:
إن زعم أن الله خلق الخق في نفسه كفر حين زعم أنه خلق الجن والأنس والشياطين في نفسه..
وإن قال خلقهم خارجا عن نفسه ثم دخل فيهم كان هذا أيضا كفر حين زعم أنه دخل في مكان رجس قذر ردئ..
وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم لم يدخل فيهم رجع عن قوله أجمع وهو قول أهل السنة..
ورد ابن حنبل على ما استندت إليه الجهمية من الروايات على أن القرآن مخلوق وعلى رأسها رواية تقول: أن القرآن يجيئ في صورة الشاب الشاحب فيأتي صاحبه فيقول هل تعرفني؟
فيقول: من أنت؟
فيقول: أنا القرآن الذي أظمأت نهارك وأسهرت ليلك.. الخ.
فادعوا أن القرآن مخلوق من قبل هذه الأحاديث، فقلنا لهم القرآن لا يجيئ إلا بمعنى أنه قد جاء من قرأ (قل هو الله أحد) فله كذا وكذا، ألا ترون أن من قرأ قل هو الله أحد لا تجيئه بم يجيئ ثوابه لأنا نقرأ القرآن فيقول يا رب ويجيئ ثواب القرآن وكلام الله لا يجيئ ولا يتغير من حال إلى حال، وإنما معنى أن القرآن يجيئ إنما يجيئ ثواب القرآن فيقول يا رب.. ويستمر ابن حنبل في إطلاق مدافعة وإنزال لعناته على الجهمية ومن سار على دربهم ويختتم رسالته بقوله: قلنا للجهمية حين زعموا أن الله في كل مكان لا يخلوا منه مكان:
أخبرونا عن قوله جل ثناؤه (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) لم تجلى للجبل إن كان فيه عمكم. فلو كان فيه كما تزعمون لم يكن يتجلى لشئ هو فيه، ولكن الله جل ثناؤه على العرش وتجلى ولم يكن فيه ورأى الجبل شيئا لم يكن رآه قبل ذلك.
وقلنا للجهم الله نور. فقال هو نور كله.
فقلنا فالله قال (وأشرقت الأرض بنور ربها) فقد أخبر الله جل ثناؤه أن له نورا، أخبرونا حين زعمتم أن الله تعالى في كل مكان وهو نور فلم يا يضئ البيت المظلم من النور الذي هو فيه إذ زعمتم أن الله في كل مكان. وما بال السراج إذا أدخل البيت يضئ، فعند ذلك تبين
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست