عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ٨٦
فلما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة في زمن أبي بكر.. وقتل منهم في ذلك اليوم فيما قيل سبعمائة. أشار ابن الخطاب على أبي بكر بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراء كأبي وابن مسعود وزيد. فندبا زيد بن ثابت إلى ذلك، فجمعه غير مرتب السور بعد تعب شديد.. (1).
وروى البخاري عن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر يوم مقتل أهل اليمامة وعنده عمر فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال أن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس. وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن. فيذهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه. وإني لأرى أن تجمع القرآن. قال أبو بكر: فقلت لعمر: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله..؟ فقال هو والله خير. فلم يزل يراجعني حتى شرح الله لذلك صدري. ورأيت الذي رأى عمر. قال زيد: وعنده عمر جالس لا يتكلم. فقال لي أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك.
كنت تكتب الوحي لرسول الله. فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله. فقال أبو بكر هو والله خير. فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبو بكر وعمر. فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدر الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري ولم أجدهما مع غيره. (لقد جاءكم رسول من أنفسكم..) إلى آخرها. فكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر..
وقال الترمذي: فوجدت آخر سورة براءة مع خزيمة بن ثابت..
وفي البخاري عن زيد بن ثابت قال: لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله يقرؤها. لم أجدها إلا مع خزيمة الأنصاري (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه).. وروى الترمذي نفس الكلام.

(١) المرجع السابق. وانظر تاريخ القرآن للزنجاني..
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست