عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٧٠
وصورة الإسلام الذي يقدمه كل من الجانبين للناس.. سوف يتبين لنا أن جانب آل البيت لا بد وأن يكون معصوما. فإن الثبات في مواجهة الفتن، والانتصار على الهوى هو أعلى درجات العصمة. وهو ما يبدو من سلوك أئمة آل البيت ومواقفهم ولا يبدو من سلوك ومواقف الجانب الآخر.
ولا يتصور من هذا الطرح أن الشيعة يقدمون الأئمة على الرسل أو حتى يساوونهم بهم كما يشيع ذلك خصومهم.. فإن الإمام إنما يتلقى مهمته من الرسول الذي أوصى به فكيف يكون الوصي أعلى من الموصى. والإمام علي نال مكانته من الرسول صلى الله عليه وآله وهو ينتسب إليه بحكم القرابة فهو إمام آل بيت الرسول من بعده. والرسول وهو على قيد الحياة جمع بين الرسالة والإمامة كما جمعها إبراهيم عليه السلام من قبله. وبعد وفاته انتهى دور الرسالة وبقي دور الإمامة متمثلا في الإمام علي. إذن الإمام علي استمد قداسته من الرسول، فكيف يتقدم عليه؟
وكيف بعد هذا يقال إن الشيعة يعتقدون أن عليا أحق بالرسالة من محمد وأن جبريل أخطأ في الرسالة وبدلا من أن يهبط على علي هبط على محمد وهي مقولة تتردد كثيرا على ألسنة الناس حتى يومنا هذا..
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن عصمة الإمام أقل من عصمة الرسول، لأن دور الإمام أقل من دور الرسول، وهو مكمل له إلا أنها وإن كانت درجتها أقل من الرسول فهي أعلى من مستوى البشر بدرجات باعتبار أن كل إنسان إنما هو معصوم بدرجة ما.
إن المؤمن المداوم على الصلوات مثلا هو معصوم في حدود هذا الفعل، فهو يملك القدرة على الاختيار بين المداومة على الصلوات وبين المداومة على المسكرات مثلا. واختياره الصلوات يعني عصمته من الانحراف نحو المسكرات. أما الذي اختار المسكرات وترك الصلوات فهو غير معصوم.
والمرء من الممكن أن يتفوه بأي شئ، من الممكن أن يسب ويشتم، من الممكن أن ينطق بكلمة الكفر. فإذا ملك لسانه عن أن يتكلم مثل هذا الكلام فهو معصوم اللسان.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست