شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ١٣
والتنمية وقيل لا إذا الحياة صفة هي مبدأ الحس والحركة الإرادية واعترض بأنا لا نسلم انتفاء ذلك في النبات غاية الأمر انتفاء العلم بتحققه فيه ومنهم من ادعى تحققه فيه مستشهدا بالإمارات على ما سبق ومنهم من بالغ في اتصافه بالإدراك حتى أثبت له إدراك الكليات وهو المعنى بالعقل زعما منه أن ما يشاهد من ميل إناث التخيل إلى بعض الذكور دون البعض وميل عروقها إلى الصوب الذي فيه الماء وانحرافها في صعودها عن الجدار المجاور لا يتأتى بدون ذلك وهذا ينسب إلى جمع من قدماء الحكماء قال المبحث الثالث لا خفاء في اشتراك القوى الطبيعية بين النبات والحيوان وإن كان اشتراكا بمجرد المفهوم دون الحقيقة للقطع بأن غاذية الحيوان تخالف بالنوع غاذية النبات بل صرح ابن سينا بأن غاذية كل عضو تخالف بالنوع غاذية عضو آخر ثم الحيوان يختص بقوى أخرى مدركة ومحركة تسمى نفسانية نسبة إلى النفس الحيوانية أو إلى النفس الناطقة لكونها في الإنسان أكمل منها في سائر الحيوانات وذلك لأن الحيوان لزيادة اعتداله قد يختص بما ينفعه ويلائمه وبما يضره وينافيه فاحتاج إلى طلب للنافع وهرب من الضار وذلك بإدراكهما والاقتدار على الحركة إلى النافع وعن الضار بخلاف النبات فإنه ليس في ذلك الاعتدال ولو كان فإنه مركوز في موضعه لا يمكنه التحرك عن شيء إلى شيء فيكون قوة الإدراك والتحريك فيه ضايعا بل ربما يكون ضائرا ثم كلامهم متردد في أن القوى النفسانية جنس للمدركة والمحركة أو بمنزلة الجنس وكذا في انقسام كل منهما إلى ما له من الأقسام بل في جميع الانقسامات الواقعة في باب القوى وذلك لأن معرفة الأجناس والفصول وتمييز الذاتيات والعرضيات عسيرة جدا في الحقائق المدركة بالعيان فكيف فيما لا يعرف إلا من جهة الآثار ولا يعقل إلا بحسب الإضافات والاعتبارات ككون الشيء مبدأ التغير في آخر قال وقد يثبت يعني أن الأطباء يثبتون جنسا آخر من القوى تسمونها القوة الحيوانية ويجعلونها مبدأ القوى النفسانية حيث يفسرونها بالقوة التي إذا حصلت في الأعضاء هيأتها لقبول الحس والحركة وأفعال الحياة كجعل الغذاء بحيث يصلح لتغذية بدن الحيوان وكحركات الانبساط عند الغضب والفرح والانقباض عند الخوف والغم ويستدلون على ذلك بأن في العضو المفلوج أو الذابل قوة تحفظ عليه الحياة وتمنعه النقض والفساد وليست هي قوة الحس والحركة لفقدها في المفلوج ولا قوة التغذية لفقدها في الذابل فهي التي تسميها القوة الحيوانية واعترض عليه من وجهين أحدهما أنا لانم انتفاء قوة الحس والحركة في المفلوج وقوة التغذية في الذابل لجواز أن توجد القوة ولا يترتب عليها الفعل لفقد شرط أو وجود مانع فإن قيل لو انتفى الشرط أو وجد المانع لما ترتب حفظ الحياة قلنا يجوز أن يكون لبعض الشروط والموانع اختصاص ببعض الأفعال دون البعض فإن قيل القوة الواحدة لا تكون مبدأ إلا لفعل واحد قلنا فأي حاجة إلى ما ذكر
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»