شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٢
بسم الله الرحمن الرحيم قال المبحث الثاني بعد الفراغ من المعادن شرع في النبات ترقيا إلى الأكمل فالأكمل والأعدل فالأعدل ولاختصاص النبات بزيادة اعتدال لا يوجد في المعدني وتقارب ما يوجد في الحيوان صار له شبه بالحيوان في بعض الأعضاء والقوى وذلك أن له مواضع تقوم مقام الرحم والذكر كعقد الأغصان والزرع وفي البزور مواضع متميزة منها تتولد الأغصان وله عروق بها يتغذى ولحاء به يستحفظ وأجزاء كمالية بمنزلة الشعر والظفر كالورق والزهر وله فصول تدر كالصموغ والألبان وله قوى لحفظ الشخص كالغاذية وحوادمها ولتكميل المقدار كالنامية ولتحصيل المثل إبقاء للنوع كالمولدة قال فمنها الغاذية المحققون على أنها قوة مغايرة للجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة وإن كان ظاهر كلام البعض يشعر بأنها نفس الهاضمة والبعض بأنها عبارة عن مجموع الأربع وحاصل الفرق أن الهاضمة هي التي تتصرف فيما يرد على البدن من حين المضغ إلى أن يحصل له كمال الاستعداد لصيرورته جزأ من المغتذي وهذا معنى إحالة الغذاء إلى ما يليق بجوهر المغتذي والغاذية هي التي تتصرف فيما حصل له كمال الاستعداد إلى أن تجعله جزأ بالفعل وهذا معنى إحالة الغذاء إلى مشاكلة المغتذي ففي تفسير الهاضمة أريد بالغذاء ما هو بالقوة كاللحم والخبز وبالإحالة التغير في الكيف كتغير الطعام إلى الكيلوس أو في الجوهر كتغيير الكيلوس إلى الدم والدم إلى اللحم وفي تفسير الغاذية أريد بالغذاء ما هو بالفعل أعني حين ما يصير جزأ من العضو وبالإحالة التغيير في الجوهر ومن المشاكلة المماثلة في الجوهر واللون والقوام واللصوق ثم ههنا مقامان أحدهما بيان وجود هذه القوى وثانيهما بيان تغايرهما أما الأول
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»