مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١٣
المسلمين وتحديد المعارف عقيدة وتشريعا وتاريخا.
وإذا كانت (حجة) فإن بحوثا أخرى تستتبع في الثقافة الإسلامية، واستتبعت - ولا تزال - جهودا كبيرة من قبيل: ما هي السنة؟ وتحديد مداها؟
وتاريخها، لتحديد نصها؟ ويدخل في هذه الناحية تاريخ (تدوين السنة).
فمن هنا يمكن أن نرى عنوان (تدوين السنة) بارزا عندما تكون (حجية السنة) أمرا مفروغا عنه، وإلا فيكون البحث عن التدوين، ترفا فكريا، إذ لا يترتب عليه أثر علمي ولا عملي، ولا يدعو إلى الاهتمام به في المأزق الثقافي الراهن.
ولقد كان علماء المسلمين على قدر كاف من الدقة إذ عنونوا لحجية الحديث والسنة في مجال (الحجج الشرعية) ووسائل إثبات الحكم الشرعي من بحوث علم أصول الفقه، وعنونوا لبحث (تدوين السنة) في مجال تاريخ الحديث، وفي بحوث علم مصطلح الحديث، إلا أن سعة مباحثه، وأهميته، لكونه الأرضية الموطدة لما يبنى عليها من عناوين وبحوث، استدعت المؤلفين إلى الاستقلال بالبحث عنه منذ القدم، فأقدم ما في المتناول من المؤلفات حول تدوين السنة، كتاب الخطيب البغدادي (ت 463) بأسم (تقييد العلم) المطبوع محققا مع مقدمة واسعة وافية من عمل الدكتور يوسف العش، السوري، وأحدث عمل تكاملت فيه النظريات المطروحة على طاولة البحث وهو كتاب (تدوين السنة الشريفة) الصادر في قم سنة 1413 من تأليف كاتب هذه السطور.
أما كتاب (تدوين السنة) لإبراهيم فوزي، الذي نقدم قراءة عنه، فهو آخر ما صدر يحمل هذا العنوان، على الرغم من أنه لا يعنيه مباشرة، إلا بصورة جزئية، مما يثير إرباكا لدى القارئ، فإذا صدق قول أبي الفتح البستي (وأول مقروء من الكتب عنوان) فأن عنوان كتاب فوزي يوحي أن يكون خاصا بالبحث عن الموضوع، بينهما المهمة الأساسية التي يتصدى لها الكتاب هي غير ذلك،
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست