مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١١
* بين الأهداف المعلنة، والنيات المبطنة:
ثم إن تحديد المؤلف لغرضه الذي تعنى من أجله للكتابة، لا أنه يدخل في تلك الموازين، فحسب، بل هو ضرورة للإسراع في تفاعل القارئ مع الكتاب، ودرك الكلمة المكتوبة، في سياق موضعها من جملة المؤلف، وفي سطور الصفحة، وصفحات دفتي الكتاب، تفاعلا لا بد أن يرغب المؤلفون فيه، فيقدمونه أمام كتبهم.
وليست صفحات الكتاب الذي يعالج مشكلة مستفحلة علمية أو تراثية، مجالا للبهلوانيات، حتى تكون السرعة - وكذا الاقتحام - فيها مطلوبة، إلا في صورتها الشائعة في الكتابات المعاصرة.
والكاتب الذي يقدم مادته (بكل حياد وتجرد) لا يتخوف من قرائه، تماما كالطبيب الحاذق الذي لا يخاف من عدوي المرضى الذين يباشر علاجهم، وهم يراجعونه، ليجدوا الشفاء على يديه، مهما كان نوع المرض، ومهما كان خطرا.
وإذا كان الطبيب يتوجس خيفة في نفسه، من مرضاه، فخير له أن يغلق (المطب) ولا يكلف نفسه عناء الإعلانات الفضفاضة حول مهارته في العلاج، خصوصا إذا لم تكن عنده الخبرة الكافية، ولا التخصص، بل ولا عارفا ب‍ (جس النبض)، بل جاهلا بأصول العلم، وبمصطلحات الأطباء، وأسماء الأدوية!!
أما إذا كانت اللافتة التي ينصبها على باب (العيادة الطبية) تحمل عنوانا ضخما، مغريا للمرضى، بينما هو يعنى بتخصص آخر، ويبطن من إعلانه المزور هدفا غير طبي، فإنما يعد في عرف المهن (دجالا) وليس عمله إلا (ابتزاز) و (خيانة)!
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست