مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٢ - الصفحة ١٨
هل يتصور الذهبي أن منع الحديث والرواية مطلقا يتوقف على قول " حسبنا كتاب الله " فقط؟! أليس كل ما يؤدي مؤدى هذه الجملة فقائله ممن يمنع الحديث والرواية؟! ومؤدى جملة " حسبنا كتاب الله " هو الاكتفاء بالقرآن، في مقابل الحديث وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقول أبي بكر: " بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه " يؤدي نفس هذا المعنى ويدل على الاكتفاء بالقرآن وما فيه من حلال وحرام، وبما أنه ذكر هذه الجملة في مقابل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو يدل على الاستغناء عن الحديث، وهذا واضح لا غبار عليه.
والعجيب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد الإنكار على الفصل بين حديثه وبين الكتاب في حديث " الأريكة " حذر عن قول " بيننا وبينكم كتاب ا لله... " بالذات.
فأي فرق يراه الذهبي بين جملة: " حسبنا كتاب الله " التي ذكرها وجملة: " بيننا وبينكم كتاب الله " التي ذكرها أبو بكر?!
3 - قول الذهبي: " حسبنا كتاب الله " كما تقول الخوارج.
إنا لم نعهد ذكر الخوارج لجملة: " حسبنا كتاب الله " وإنما شعارهم " لا حكم إلا لله " وأما جملة " حسبنا كتاب الله " فهي معروفة من كلام عمر، قالها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد جابهه بها وهو صلى الله عليه وآله وسلم على فراش الموت.
وأهم ما يجب التنبيه عليه في هذا المجال:
أن النصوص النبوية الدالة على وجوب رواية الحديث، ونقله، وتبليغه، ونشره وحمله، وأدائه إلى الآخرين، كي ينتفعوا به، متضافرة، لا مجال للتشكيك في صدورها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل هي تجوز حد التواتر المعنوي، وبعض ألفاظها مستفيض قطعا، إليك نصوصها، ومصادرها:
قال صلى الله عليه وآله وسلم: " نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها، وأداها،
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست