مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٢ - الصفحة ١٧
بقوله: " ألا ما حرم رسول الله، كما حرم الله " (4) على من فصل بين الكتاب والسنة.
البحث الثاني: مع الذهبي في دفاعه عن أبي بكر:
إن الذهبي - بعد أن نقل هذا الحديث، عن أبي بكر - قال: " إن مراد الصديق التثبت في الأخبار، والتحري، لا سد باب الرواية... ولم يقل (حسبنا كتاب الله) كما تقو ل الخوارج (5).
أقول: يرد على الذهبي أمور:
1 - قوله: مراد الصديق التثبت... لا سد باب الرواية.
ففيه: إن من يريد سد باب الرواية عن رسول الله صلى عليه وآله وسلم، ومنع نقل الحديث عنه مطلقا، هل يجد كلاما أوضح دلالة - على عموم المنع - من قول:
" لا تحدثوا عن رسول الله شيئا "؟!
ولو لم يرد المتكلم بهذا الكلام سد باب الرواية، بل كان يريد التثبت والتحري - كما فرضه الذهبي - لما جاز له أن يأتي بما يدل على عموم المنع والنهي عن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل كان عليه أن يقول - مثلا -: لا تحدثوا بكل ما تسمعون أو تروون. أو يقول: لا تحدثوا بما لا تتثبتون... وما أشبه ذلك، أو يأمرهم بالاحتياط، ويحذرهم عن الخطأ والاشتباه.
كما أن قوله: " بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله، وحرموا حرامه " قرينة واضحة على أن مراده نبذ السنة مطلقا وراء الظهور، والاكتفاء بكتاب الله وما فيه من حلال وحرام، تلك الدعوة التي نادى بها أهل الفصل بين الكتاب والسنة والاكتفاء بالكتاب والاستغناء عن السنة.
2 - قول الذهبي: ولم يقل - يعني أبا بكر - حسبنا كتاب الله.

(٤) أوردنا نصوص الأحاديث عن مصادرها في كتابنا " التدوين ".
(٥) تذكرة الحفاظ ١ / 3 - 4.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست