سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٥٧
قبل ذلك لا بد من التحدث عن الفترة التي سبقت وفاته (صلى الله عليه وآله) تلك الفترة التي أكملت الشريعة فيها أوامرها ونواهيها وتهيأ المسلمون إلى فترة ما بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وفي أوج مرضه خرج الرسول (صلى الله عليه وآله) متكئا على الفضل بن عباس وغلام له يقال له ثوبان فصلى بالمسلمين وعاد إلى منزله فعلم المسلمون من حال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما علموا فأمر الرسول (صلى الله عليه وآله) غلامه (1) بأن يجلس على الباب وأن لا يحجب أحدا من الأنصار وتجلاه الغشي فجاء الأصحاب ليعودوه فعلموا بالأمر وأخذوا يبكون فسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكاءهم وخرج إليهم متكئا على علي والعباس وخطب خطبته المعروفة إلى أن قال " معاشر الناس أنه لم يمت نبي قط إلا خلف تركه وقد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي ألا فمن ضيعهم ضيعه الله ألا وأن الأنصار كرشي وعيبتي التي آوي إليها وأني أوصيكم بتقوى الله والإحسان إليهم فأقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم " ثم دعا أسامة بن زيد فقال له " سر على بركة الله والنصر والعافية حيث أمرتك بمن أمرتك عليه، وكان الرسول (صلى الله عليه وآله) أمره على جيش للإغارة على واد بفلسطين يسمى مؤتة ومن أفراد الجيش أبا بكر وعمر وجماعة من المهاجرين، فأجابه أسامة بالقول " بأبي أنت وأمي يا رسول الله أتأذن لي في المقام أياما حتى يشفيك الله تعالى فأني متى خرجت وأنت على هذه الحالة خرجت وفي قلبي منك قرحة فقال (صلى الله عليه وآله) إنفذ يا أسامة لما أمرتك فإن القعود عن الجهاد لا يجب في حال من الأحوال ".
وبعد كل هذا جاء البلاغ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن الناس قد طعنوا في عمله فقال لهم الرسول (صلى الله عليه وآله) بلغني أنكم طعنتم في عمل أسامة وفي عمل أبيه من قبل وأيم الله أنه لخليق للإمارة وأن أباه خليقا لها وأنه وأباه من أحب الناس إلي.... فلئن قلتم في إمارته لقد قال قائلكم في إمارة أبيه.
فخرج بعد ذلك أسامة إلى رأس فرسخ من المدينة فعسكر هناك فالتحق أبو بكر وعمر وغيرهم بالجيش ورسول الله يلفظ أنفاسه الأخيرة في حجر ابن عمه ووصيه وحامل رسالته من بعده علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى التحق بركب الصالحين مع الأنبياء عند المليك العزيز القدير يوم الاثنين أي بعد خروج جيش أسامة بيومين فرجع أهل العسكر وخالفوا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجفت المدينة، عند ذلك برزت

(1) الإحتجاج للطبرسي: 173 بتصرف.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»