سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٤٦
مارسوا كل وسائل التعذيب لقتل دعوة محمد (صلى الله عليه وآله) وخير شاهد على ذلك ياسر وزوجته وعمار الذين عذبوا في مكة أشد تعذيب وبمختلف الوسائل وتحت وطأة الهجيرة ووعورة البيداء فلاقى أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) من الكفرة ما لاقوه من التنكيل والهوان والقتل والتشريد وهذا شأن كل الدعوات الحقة عندما تقابل الجهلة والسفلة من الناس.
ثالثا: محاولة قتل الرسول (صلى الله عليه وآله) * (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) * (1) قتل الرسول يمثل قتلا للرسالة وإطفاء لشعلتها التي تتوهج يوما بعد يوم، فاجمعوا أمرهم وأعدوا عدتهم لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وغلق هذا الباب الذي أرقهم كثيرا فجمعوا القبائل وتشاوروا في أمر القتل فاستقر رأيهم على أن يضيع دم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين العرب فعلم رسول الله بالأمر وندب أمير المؤمنين نفس الرسول لهذه المهمة حتى يخرج من بينهم سالما فكان جواب الأمير " أو تسلم يا رسول الله " من دون تلكأ وتراجع فهدفه الوحيد سلامة الرسول، وبات في تلك الليلة على فراشه ولم يعلم به أحد، حتى أبو بكر عندما جاء إلى علي (عليه السلام) وهو نائم في فراش الرسول ولا يعلم أنه علي (2) فأخبره بالخبر وتبع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقريش كانت غافلة عن ذلك أيضا (3)، فبقي علي (عليه السلام) نائما منتظرا إياهم حتى هجموا عليه فانتفض عليهم وفروا منه كما تفر المعزى من الذئب عندها علموا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نجى من كيدهم ومكرهم فانكسر جبروتهم وتمرغ طغيانهم وانتصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالخروج من قبضتهم ليبدأ مرحلة جديدة من مراحل الدعوة إلى الله تعالى.
قرار الهجرة توفي المحامي الأول لرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي ظل يدافع طول حياته عن الرسالة

(١) الصف: ٩.
(2) تفسير البرهان، 1 / 207.
(3) تاريخ الطبري، 2 / 18.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»