سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٥٦
استقصاء الطرق والأسانيد الواردة في ذلك ولكن نذكر منها قسما للشاهد فقط أما بحثنا يهتم بطبيعة الموقف، عندما فرض علي (عليه السلام) على الأمة من الله تعالى وليا وناصرا وقائد للمسلمين من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن هنا ننقل مقاطع من خطبة الرسول (صلى الله عليه وآله) لنبين طبيعة الموقف في ذلك الزمان حيث قال (وسألت جبرئيل أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم إيها الناس، لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين وإدغال الآثمين وختل المستهزئين بالإسلام الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم وكثرة إذ هم لي غير مرة حتى سموني أذنا (1).
فهذا النص من الخطبة يبين لنا طبيعة الموقف، ورد الفعل من أولئك الذي قسمهم الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى منافقين - قلته متقين - إدغال الاثنين ختل المستهزئين بالإسلام - وغير ذلك من الطبقات التي كانت في تلك الحقبة الزمنية، فيا ترى كيف يكون ردهم على هذا التبليغ الإلهي الذي قال فيه رسول الله " فضلوه فقد فضله الله واقبلوه فقد قبله الله " (2).
ثم قال معاشر الناس " إنه إمام من الله ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته ولن يغفر الله له ".
فكل ذلك، وصارت الأمة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى سقيفة بني ساعدة لتنقلب على كل الوصايا والأحكام والتعليمات الإلهية الصادرة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وتستمر الحياة حتى تستكمل دورتها ويستلم الوصي الأخير من أوصياء الأنبياء، يستلم الأمانة، وميراث العلم، والنبوة بإذن الله تعالى ويعود الحق إلى نصابه ويجتث الباطل من أصله إن شاء الله تعالى.
الرسول يلبي نداء ربه

(١) المراجعات: ص 184 - 185.
(2) الإحتجاج: ص 145.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»