سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٣
برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) * (1).
فلقد مر أيوب عليه السلام ببلاء " صورته لنا روايات أهل البيت سلام الله عليهم " عظيم في بدنه وأهله وماله حتى أخرجوه أهل القرية من قريتهم لضعفه في الظاهر ولكن هذا العبد الصالح صبر على هذا الامتحان العسير بدعاء ملي بالآلام والمحن * (وأيوب إذ نادى ربه إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) * (2) فأجابه الله تعالى جوابا عاد لأيوب كل ما فقد وأكثر من ذلك * (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) * (3).
وما هذا الذي ذكرناه إلا فتات من البلاء العظيم الذي واجهه الأنبياء سلام الله عليهم واجهوه بالصبر وانتظار الفرج الإلهي القريب وحلاوة الدعاء هي الاستجابة، فاستجاب الله لأدعية الأنبياء سلام الله عليهم وفاءا منه تعالى لوعده الذي قطعه على نفسه في كتابه العزيز.
* (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) * (4).
وأما حبيب الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله امتحنه الله تعالى بما لاقاه من الناس في مواجهة دعوته حيث يقول " ما أوذي أحد مثل ما أوذيت في الله " (5) فهذا الحديث يحمل بين طياته مرارة الآلام والمآسي التي تحملها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قومه وفي حديث آخر عن طارق المحاربي قال: - " رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسوق ذي المجاز فمر وعليه جبة له حمراء وهو ينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا " ورجل يتبعه بالحجارة وقد أدمى كعبيه وعرقوبيه وهو يقول يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب قلت: من هذا؟ قالوا: غلام من بني عبد المطلب قلت: فمن هذا يتبعه يرميه؟ قالوا: هذا عمه عبد العزى - وهو أبو لهب " (6).
فهذه الأحاديث كافية لتصوير حالة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع قومه وعشيرته ولا تحتاج إلى تعليق لتبين البلايا والمحن التي اختبر فيها رسول الله وهذا غيض من فيض ننقله من

(١) سورة ص: ٤٢.
(٢) الأنبياء: ٨٣.
(٣) الأنبياء: ٨٤.
(٤) البقرة: ١٨٦.
(5) ميزان الحكمة محمدي الري شهري ج 9 ص 670.
(6) ميزان الحكمة ج 9، ص 671.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»