سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٤
حياة الأنبياء سلام الله عليهم أجمعين وما تحملوه لغرض نشر الرسالة السماوية والقيام بوظائف النبوة الجسام.
تقارير الأنبياء كل إنسان عندما يخوض تجربة من التجارب تتبلور في ذهنه حصيلة كاملة لمعطيات تلك التجربة - أسبابها - أثارها - قابليتها على البقاء والاستمرار - وهذه الحصيلة تبقى في ذهنه درسا لتجديد المواقف المستقبلية لأن المستقبل ما هو إلا تاريخ ماضي موسع تتغير عناصره وتتبدل أدوار شخصياته أما مضمونه ومحتواه هو نفس المضمون والمحتوى السابق، وهذه الحصيلة تعني عندنا بالتقرير.
فالأنبياء (عليهم السلام) يملكون تقارير مبلورة في أذهانهم، حصلوا عليها من خلال التبليغ المستمر في مجتمعاتهم.
والإنسان عندنا يرفع حصيلة تجاربه إلى الجهات العليا التي ينتظر منها الحل المناسب والذي يعتبر ذلك نتيجة لتقريره فالنبي ينتظر الحل من الله تعالى لأن النبي أعلى جهة أرضية فلا ملاذ إلا أن يرفع تقريره إلى الله تعالى إلى السماء حتى يحصل على الحل المناسب، وإذ كان نوح (عليه السلام) أول نبي من الأنبياء سلام الله عليهم فتح باب الاحتجاج في الدعوة إلى التوحيد وانتهض على الوثنية على ما يذكره القرآن الشريف (1) فإذا كان كذلك فلنبدأ بتقريره الذي يتضمن عصارة الدعوة إلى الله على مدى 950 عام من الاحتجاج والتبشير برسالة السماء حيث قال.
* (قال ربي دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا) * * (وأني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا) * (2) هذا التقرير الذي رفعه نوح (عليه السلام) وضمنه أولا الوقت الذي يدعو فيه قومه فكان يدعو ليلا ونهار بدون كلل ولا ملل يعتريه كان يشعر بأن الله قد بث فيه الحياة ليبلغ رسالته ما دام وبعد ذلك أنتقل في الكلام إلى خصمه وهم قومه الذي بالغوا في الاحتجاج والخصومة، فالمواجهة السائدة بين

(١) الميزان - الطباطبائي.
(٢) نوح: ٥ - 6 - 7 - 8 - 9 - 10.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»