لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٣٢٣
الترك نتركها فلا ننسخها كما قال عز وجل: نسوا الله فنسيهم، يريد تركوه فتركهم، وقال تعالى: ولا تنسوا الفضل بينكم، والوجه الآخر من النسيان الذي ينسى كما قال تعالى: واذكر ربك إذا نسيت، وقال الزجاج: قرئ أو ننسها ، وقرئ: ننسها، وقرئ: ننسأها، قال: وقول أهل اللغة في قوله أو ننسها قولان: قال بعضهم أو ننسها من النسيان، وقال دليلنا على ذلك قوله تعالى: سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله، فقد أعلم الله أنه يشاء أن ينسى، قال أبو إسحق: هذا القول عندي غير جائز لأن الله تعالى قد أنبأ النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله:
ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا، أنه لا يشاء أن يذهب بما أوحى به إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: وقوله فلا تنسى، أي فلست تترك إلا ما شاء الله أن تترك، قال: ويجوز أن يكون إلا ما شاء الله مما يلحق بالبشرية ثم تذكر بعد ليس أنه على طريق السلب للنبي، صلى الله عليه وسلم، شيئا أتيه من الحكمة، قال: وقيل في قوله أو ننسها قول آخر، وهو خطأ أيضا، أو نتركها، وهذا إنما يقال فيه نسيت إذا تركت، لا يقال أنسيت تركت، وقال: وإنما معنى أو ننسها أو نتركها أي نأمركم بتركها، قال أبو منصور:
ومما يقوي هذا ما روى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشده:
إن علي عقبة أقضيها، لست بناسيها ولا منسيها قال: بناسيها بتاركها، ولا منسيها ولا مؤخرها، فوافق قول ابن الأعرابي قوله في الناسي إنه التارك لا المنسي، واختلفا في المنسي، قال أبو منصور: وكأن ابن الأعرابي ذهب في قوله ولا منسيها إلى ترك الهمز من أنسأت الدبن إذا أخرته، على لغة من يخفف الهمز. والنسوة: الترك للعمل. وقوله عز وجل: نسوا الله فأنساهم أنفسهم، قال: إنما معناه أنساهم أن يعملوا لأنفسهم. وقوله عز وجل: وتنسون ما تشر كون، قال الزجاج: تنسون ههنا على ضربين: جائز أن يكون تنسون تتركون، وجائز أن يكون المعنى أنكم في ترككم دعاءهم بمنزلة من قد نسيهم، وكذلك قوله تعالى: فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا، أي نتركهم من الرحمة في عذابهم كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا، وكذلك قوله تعالى: فلما نسوا ما ذكروا به ، يجوز أن يكون معناه تركوا، ويجوز أن يكونوا في تركهم القبول بمنزلة من نسي. الليث: نسي فلان شيئا كان يذكره، وإنه لنسي كثير النسيان. والنسي: الشئ المنسي الذي لا يذكر. والنسي والنسي، الأخيرة عن كراع، وآدم قد أوخذ بنسيانه فهبط من الجنة. وجاء في الحديث: لو وزن حلمهم وحزمهم مذ كان آدم إلى أن تقوم الساعة ما وفى بحلم آدم وحزمه. وقال الله فيه:
فنسي ولم نجد له عزما. النسي: المنسي. وقوله عز وجل حكاية عن مريم: وكنت نسيا منسيا، فسره ثعلب فقال: النسي خرق الحيض التي يرمى بها فتنسى، وقرئ: نسيا ونسيا، بالكسر والفتح، فمن قرأ بالكسر فمعناه حيضة ملقاة، ومن قرأ نسيا فمعناه شيئا منسيا لا أعرف، قال دكين الفقيمي:
بالدار وحي كاللقى المطرس، كالنسي ملقى بالجهاد البسبس والجهاد، بالفتح: الأرض الصلبة. والنسي أيضا: ما نسي وما سقط في منازل المرتحلين من
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست