لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٣٢٤
رذال أمتعتهم. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وددت أني كنت نسيا منسيا أي شيئا حقيرا مطرحا لا يلتفت إليه. ويقال لخرقة الحائض: نسي، وجمعه أنساء.
تقول العرب إذا ارتحلوا من المنزل: انظروا أنساءكم، تريد الأشياء الحقيرة التي ليست عندهم ببال مثل العصا والقدح والشظاظ أي اعتبروها لئلا تنسوها في المنزل، وقال الأخفش: النسي ما أغفل من شئ حقير ونسي، وقال الزجاج: النسي في كلام العرب الشئ المطروح لا يؤبه له، وقال الشنفرى:
كأن لها في الأرض نسيا تقصه على أمها، وإن تخاطبك تبلت قال ابن بري: بلت، بالفتح، إذا قطع، وبلت، بالكسر، إذا سكن.
وقال الفراء: النسي والنسي لغتان فيما تلقيه المرأة من خرق اعتلالها مثل وتر ووتر، قال: ولو أردت بالنسي مصدر النسيان كان صوابا، والعرب تقول نسيته نسيانا ونسيا، ولا تقل نسيانا، بالتحريك، لأن النسيان إنما هو تثنية نسا العرق. وأنسانيه الله ونسانيه تنسية بمعنى. وتناساه: أرى من نفسه أنه نسيه، وقول امرئ القيس:
ومثلك بيضاء العوارض طفلة لعوب تناساني، إذا قمت، سربالي (* في ديوان امرئ القيس: تنسيني بدل تناساني.) أي تنسيني، عن أبي عبيد. والنسي: الكثير النسيان، يكون فعيلا وفعولا وفعيل أكثر لأنه لو كان فعولا لقيل نسو أيضا. وقال ثعلب: رجل ناس ونسي كقولك حاكم وحكيم وعالم وعليم وشاهد وشهيد وسامع وسميع. وفي التنزيل العزيز: وما كان ربك نسيا، أي لا ينسى شيئا، قال الزجاج: وجائز أن يكون معناه، والله أعلم، ما نسيك ربك يا محمد وإن تأخر عنك الوحي، يروى أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أبطأ عليه جبريل، عليه السلام، بالوحي فقال وقد أتاه جبريل: ما زرتنا حتى اشتقناك، فقال: ما نتنزل إلا بأمر ربك. وفي الحديث: لا يقولن أحدكم نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي، كره نسبة النسيان إلى النفس لمعنيين: أحدهما أن الله عز وجل هو الذي أنساه إياه لأنه المقدر للأشياء كلها، والثاني أن أصل النسيان الترك، فكره له أن يقول تركت القرآن أو قصدت إلى نسيانه، ولأن ذلك لم يكن باختياره. يقال: نساه الله وأنساه، ولو روي نسي، بالتخفيف، لكان معناه ترك من الخير وحرم، ورواه أبو عبيد: بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت، ليس هو نسي ولكنه نسي، قال: وهذا اللفظ أبين من الأول واختار فيه أنه بمعنى الترك، ومنه الحديث: إنما أنسى لأسن أي لأذكر لكم ما يلزم الناسي لشئ من عبادته وأفعل ذلك فتقتدوا بي. وفي الحديث: فيتركون في المنسى تحت قدم الرحمن أي ينسون في النار، وتحت القدم استعارة كأنه قال: ينسيهم الله الخلق لئلا يشفع فيهم أحد، قال الشاعر:
أبلت مودتها الليالي بعدنا، ومشى عليها الدهر، وهو مقيد ومه قوله، صلى الله عليه وسلم، يوم الفتح: كل مأثرة من مآثر الجاهلية تحت قدمي إلى يوم القيامة. والنسي: الذي لا يعد في القوم لأنه منسي. الجوهري في قوله تعالى: ولا تنسوا الفضل
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»
الفهرست