مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٦٠
ستمأة مثقال وأربعة عشر مثقالا كما لا يخفى على المتأمل والمدار في بلوغ النصاب على التحقيق عندنا دون التقريب فلو نقص منه ولو يسيرا لم تجب الزكاة للأصل وقول الباقر عليه السلام في صحيحة زرارة وليس فيما دون الثلاثمأة صاع شئ وفي صحيحة زرارة وبكير فإن كان من كل صنف خمسة أو ساق غير شئ وإن قل فليس فيه شئ وإن نقص البر والشعير والتمر والزبيب أو نقص من خمسة أو ساق صاع أو بعض صاع فليس فيه شئ ولا عبرة بالمسامحات العرفية لدى النقص القليل في الأحكام الشرعية المبنية على التحقيق وإن كان ذلك المقدار مغتفرا لدى تعرف في معاملاتهم غالبا وقد تقدم في النقدين تفصيل القول في ذلك وتحقيق ما يقتضيه التحقيق لدى حصول النقص اليسير من إختلاف الموازين فراجع وحكي عن بعض العامة القول بأن التقدير بالأوساق تقريبي لا تحقيقي بحيث يؤثر فيه النقص اليسير لان الوسق حمل وهو يزيد وينقص وفيه ان الوسق وإن كان كذلك ولكن الحكم لم يعلق على مطلقه بل ما كان منه ستين صاعا كما كشف عن ذلك الروايات من طرق الخاصة والعامة المفسر له بذلك وانه ليس فيما نقص منه شئ المدار حينئذ على هذا الوزن لا على إطلاق لفظ الوسق كما هو واضح و العبرة ببلوغ حد النصاب وقت الجفاف وصيرورته تمرا أو زبيبا فلو كان بالغا هذا الحد قبل جفافه لم تجب الزكاة فيه كما حكي عن العلامة في المنتهى والتذكرة التصريح بذلك بل ودعوى الاجماع عليه فقال في محكي المنتهى انه لو جف تمرا أو زبيبا أو حنطة أو شعيرا فنقص فلا زكاة إجماعا وإن كان وقت تعلق الوجوب نصابا و قال في التذكرة و النصاب المعتبر وهي خمسة أوسق إنما يعتبر وقت جفاف التمر ويبس العنب والغلة فلو كان الرطب خمسة أوسق والعنب والغلة ولو جفت تمرا أو زبيبا أو حنطة أو شعيرا نقص فلا زكاة إجماعا وإن كان وقت تعلق الوجوب نصابا أما ما لا يجف مثله وإنما يؤكل رطبا كالهبات والبربين وشبههما من الدقل والرقيق الثمرة فإنه تجب فيه الزكاة أيضا لقوله عليه السلام فيما سقت السماء العشر وإنما تجب فيه إذا بلغ خمسة أوسق تمرا وهل يعتبر بنفسه أو بغيره من جنسه الأقرب الأول وإن كان تمره يقل كغيره وللشافعي وجهان هذا أحدهما والثاني يعتبر بغيره فإذا كان مما يجف فيبلغ خمسة أوسق تمرا وكان هذا مثله رطبا وجبت فيه الزكاة فيعتبر بأقرب الارطاب إليه مما يجف انتهى وفي المدارك بعد نقل هذه العبارة عن التذكرة قال ولو لم يصدق على اليابس من ذلك النوع اسم التمر أو الزبيب اتجه سقوط الزكاة فيه مطلقا انتهى وهو جيد ولكن الظاهر صدق اسم التمر والزبيب على اليابس منهما من أي نوع يكون غاية الأمر أنه يوصف بالردائة كأم جعرور ومعافارة فكان الزبيب والتمر وصفا لليابس من الثمرتين ولكن جملة من أنواع العنب والرطب حيث يقل فائدتها بالتجفيف بحيث يعد تجفيفها بمنزلة الاتلاف لم يجر العادة بتجفيفها لا إنه لا يطلق عليها الاسمان بعد الجفاف فليتأمل وقد ظهر بما مر ان ما نقص عن التقدير المزبور ولو يسيرا فلا زكاة فيه وإما ما زاد ففيه الزكاة إن قل بلا خلاف وفيه على الظاهر بل عن المنتهى التصريح بنفي الخلاف فيه بين العلماء ويدل عليها إطلاق الروايات الدالة على إن ما أنبتت الأرض من الغلات الأربع إذا بلغ خمسة أوسق ففيما سقته السماء منه العشر وفيما كان منه يسقى بالدوالي إلى نصف العشر والحد الذي يتعلق به الزكاة من الأجناس الأربعة لدى المصنف وابن الجنيد على ما حكي عنه أن يسمى حنطة أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا وعن العلامة في جملة من كتبه حكايته عن بعض أصحابنا وفي منتهاه حكايته عن والده وفي مفتاح الكرامة قال وقد يفوح ذلك أعني مذهب المحقق عن المقنع والهداية وكتاب الاشراف والمقنعة والغنية والإشارة وغيرها لمكان حصرهم الزكاة في التسعة التي منها التمر والزبيب والحنطة والشعير فيكون المعتبر عندهم صدق تلك الأسامي ولا تصدق حقيقة إلا عند الجفاف انتهى وربما أستظهر هذا القول عن الشيخ في نهايته حيث قال في باب الوقت الذي تجب فيه الزكاة بعد أن ذكر وقت الوجوب في النقدين وأما الحنطة والشعير والتمر والزبيب فوقت الزكاة فيها حين حصولها بعد الحصاد والجذاذ والصرام وقد حكى عن صاحب كشف الرموز أنه حملها على وقت الاخراج لا وقت الوجوب وهو خلاف الظاهر وحكي عن الشهيد في البيان أنه نسب إلى أبي علي والمحقق انهما اعتبرا في الثمرة التسمية تمرا وعنبا لا زبيبا وتبعه في هذه النسبة بعض من تأخر عنه ويظهر من المدارك الميل إليه بل القول به ولكن في مفتاح الكرامة أنكر هذه النسبة وقال هذا النقل بالنسبة إلى أبي علي مخالف لما نقله الأكثر عنه كما عرفت وأشار بذلك إلى ما نقله عن غير واحد من أنهم نسبوا إلى أبي علي القول باعتبار تسمية الثمر تمرا وزبيبا كما في المتن ثم قال وأما بالنسبة إلى المحقق فهو خلاف ما هو شاهد بالعيان انتهى وقيل بل إذا اشتد الحب في الحنطة والشعير واحمر ثمر النخل أو أصفر أو أنعقد الحصرم وربما نسب هذا القول إلى المشهور بل عن التنقيح لم نعلم قائلا بمذهب المحقق قبله وعن المقتصر ان عليه الأصحاب ونسب إلى جماعة التوقف في القولين والأشبه بظواهر النصوص والفتاوى المعلقة للزكاة على الأجناس الأربعة الأول فإن الأحكام الشرعية تدور مدار عناوين موضوعاتها فإذا دل الدليل على انحصار الزكاة مما أنبتته الأرض في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وجب الحاق البسر والحصرم وشبههما من ثمر النخل والكرم مما هو خارج عن مسميات هذه الأسامي بما عداها من الثمار مما لا زكاة فيه وإلا لم يكن الحصر حاصرا اللهم إلا أن يدل دليل خاص من نص أو إجماع على إن المراد بالتمر والزبيب ثمرة النخل والكرم عند بدو صلاحها فالشأن في إثبات ذلك واستدل للمشهور بأمور منها صدق الحنطة والشعير بمجرد اشتداد الحب فيتعلق بهما الزكاة بالعمومات فيثبت في البسر والحصرم بالاجماع المركب مضافا إلى ما عن بعض اللغويين من التصريح بأن البسر وكذا الرطب نوع من التمر ولا قائل بالفرق بينهما و بين الحصرم والعنب وفيه بعد تسليم صدق اسم الحنطة والشعير على الحب بمجرد اشتداده وكذا اسم التمر على البسر والرطب فلا شبهة في انصراف إطلاق أساميها في المحاورات العرفية ومعاملاتهم ووقوع شئ منها في حيز التكليف بصرفه إلى الغير اليابس منها فلا يتبادر من الامر بالتصدق بشئ من هذه الأجناس إلا إرادة يابسها ولذا لم يقع الخلاف في عدم وجوب إخراج الزكاة من الأخضر وعدم جواز الزام الساعي بالدفع منه وعدم العبرة ببلوغها حد النصاب قبل الجفاف إذا نقص عنده وليس شئ من ذلك لدليل تعبدي بل لعدم انسباق غير اليابس من أدلتها كما لا يخفى على المتأمل هذا كله مع أن ما حكي عن بعض اللغويين من كون البسر والرطب نوعا من التمر مع معارضته بقول من عداه مما يشهد العرف بخطائه خصوصا في البسر نعم صحة إطلاق اسم الحنطة والشعير على الحب بعد اشتداده بل قبله أيضا ليس بالبعيد فلو قلنا بكفايته في تعلق الزكاة به وعدم انصراف إطلاق اسمها الوارد في أدلة الزكاة عنه اتجه القول بالتفصيل بينهما وبين التمر والزبيب ومخالفته للاجماع المركب غير
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»