مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٧١
الفقير بعشره نظير ما لو نذر أن يتصدق بعشر ما يحصل له من ثمرة الأشجار المملوكة له في هذه السنة على تقدير بلوغها بعد إخراج مؤنتها إلى هذا الحد فإن مفادها عرفا ليس إلا بلوغ مجموع ثمرتها من أول حصولها إلى آخره إلى هذا الحد لا بوصف الاجماع وقضيته ذلك التربص في الحكم بوجوب العشر من حين الاخذ في الادراك إلى أن يكمل النصاب فإذا كمل النصاب وجب التصدق بعشره مع بقاء عينه وعلى تقدير الاتلاف فمثله أو قيمته كما في مسألة النذر وما ذكرناه فيما سبق من اشتراط وجوب الزكاة بالتمكن من التصرف في مجموع النصاب فليس منافيا لذلك إذ قد عرفت في محله أن المقصود بذلك الاحتراز عن الملك الغير التام الذي ليس للمالك الاستقلال بالتصرف فيه من مثل المغصوب والغائب الذي لا يدله عليه لا مثل المقام الذي جرى عليه يده و تصرف فيه تصرفا اختياريا نعم لو خرج عن ملكه قهرا على التدريج بأن غصب شيئا فشيئا أو تلف بآفة سماوية كذلك اتجه القول بنفي الزكاة لنقص ملكيته حال تعلق الوجوب وأما الأول وإن خرج بعض النصاب عن ملكه قبل تعلق الوجوب ولكن حيث كان خروجه باختياره فهو بحكم الباقي عنده في كونه مشمولا لعمومات أدلة الزكاة وعدم خروجه عنها بما دل على اعتبار التمكن من التصرف فليتأمل وكيف كان فالقول بعدم اعتبار اجتماع مجموع النصاب في ملكه بالفعل حال تعلق الوجوب بحيث ينافيه البيع أو الاكل شيئا فشيئا مع أنه أحوط أوفق بظواهر النصوص والفتاوى وعلى تقدير الالتزام باعتباره فالمتجه عدم الفرق بالنسبة إلى ما أدرك أخيرا بعد إخراج السابق عن ملكه في نفي تعلق الزكاة به بين كون ما أدرك سابقا وأتلفه نصابا أو أقل من النصاب لان الزكاة وضعت على ما بلغ خمسة أوسق فما زاد فهذا الأخير إن لوحظ بنفسه فهو أقل من الثلاثمأة صاع التي هي النصاب فلا شئ فيه إذ ليس فيما دون الثلاثمأة صاع شئ وإن لوحظ منضما إلى ما أدرك سابقا اندرج في موضوع الحكم المزبور في كلا الفرضين ولا مدخلية لكون الأول بالغا حد النصاب لصحة هذه الملاحظة كما لا يخفى على المتأمل وكون الأول بنفسه نصابا موجب لتنجز التكليف بإخراج عشره لا عشر ما لم يوجد بعد فعشر ما لم يوجد إنما يتنجز التكليف بإخراجه بعد تحقق موضوعه وجامعيته لشرائط الوجوب التي منها صدق كونه جزء مما أنبتت الأرض في هذه السنة البالغ خمسة أوسق فلا حظ المسألة الثالثة: إذا كان له نخل يطلع مرة وآخر يطلع مرتين قيل لا يضم الثاني إلى الأول لأنه في حكم ثمرة سنتين وقد حكى هذا القول عن المبسوط والوسيلة وقيل يضم وقد نسب هذا القول إلى الأكثر أو الأشهر بل عن المصابيح إلى المشهور لاطلاق الأدلة وكونه باعتبار اتحاد العام كالبساتين المختلف أدراك ثمرتها وطلوعها و في الجواهر بعد أن ذكر دليل المشهور وأجاب عن دليل الخصم بالمنع قال ولكن الانصاف عدم خلو المسألة عن إشكال ضرورة عدم تعليق الحكم في شئ من النصوص على اتحاد المال بمجرد كونه في عام واحد وأهل العرف لا يشكون في صدق التعدد عليها خصوصا إذا حصل فصل بين الثمرتين بزمان معتد به وما حال ذلك إلا كحال الثمرة التي أخرجت معجزة في تلك السنة ولعله لذا اقتصر في محكى البيان والدروس والمفاتيح على نقل القولين من دون ترجيح إنتهى أقول لا مدخلية لصدق وحدة المال أو تعدده عرفا في هذا الباب وإلا فصدق التعدد على ثمرة نخلين أحدهما بالعراق و الآخر بالحجاز خصوصا مع اختلاف صنفيهما أوضح من صدقه على ثمرة نخلة واحدة حاصلة في زمانين ما لم يجمع بين الثمرتين في مكان واحد وإذا أجمع بينهما واختلط بعضها ببعض صدق على المجموع مال واحد سواء حصل من نخلة واحدة أو من نخيل متفرقة في أزمنة متباعدة وهذا مما لا مدخلية له في تعلق الزكاة إذ المدار في هذا الباب على صدق بلوغ ما أنبتت الأرض من التمر والزبيب والحنطة والشعير خمسة أوسق وهو حاصل في محل الكلام بل قد يقال بأنه لولا قيام دليل خارجي على إرادة الثمرة في كل سنة لكان مقتضى إطلاق النص سببية بلوغ ما أنبتته الأرض لوجوب الزكاة ولو في سنتين أو أزيد وإنما قيدناه بكونه في عام واحد لذلك وكيف كان فما ذهب إليه المشهور هو الأشبه. المسألة الرابعة:
لا يجزي أخذ الرطب عن التمر ولا العنب عن الزبيب أي إذا كان النصاب تمرا أو زبيبا لا يجوز أخذ ذلك إصالة وإن بلغ قدر الواجب عند الجفاف لان حق الفقير بمقتضى ظواهر أدلته متعلق أولا وبالذات بعشر العين الموجودة عنده البالغة حد النصاب والرطب والعنب ليست شئ منهما عين ما تعلق به حقه ولا مثله فلا يكون مجزيا نعم إن أخذه بالقيمة السوقية جاز أن سوغنا إخراج القيمة من غير النقدين كما أعترف به في المدارك وغيره فما عن المنتهى من أجزائه عنه فريضة إذا كان بحيث لو جف لكان بقدر الواجب من التمر لتسمية تمرا لغة محل نظر إذ على تقدير تسليم الصدق يتوجه عليه إنه لا دليل على الاجتزاء بمطلق ما يسمى تمرا إذا لم يكن من جنس ما تعلق الحق به بحيث يعد في العرف مثله كي يستفاد جواز الاجتزاء به من أدلته ولو أخرج الرطب والعنب عن مثله جاز بلا إشكال كما نص عليه غير واحد لأنه هو الذي يقتضيه تعلق حق الفقير بالعين ويدل عليه أيضا قوله عليه السلام في صحيحة سعد بن سعد في العنب إذا خرصه أخرج زكاته وقد ظهر عما ذكرنا إنه لو أخذه الساعي أي أخذ الرطب والعنب عن التمر والزبيب لا من باب القيمة وجف ثم نقص رجع بالنقصان لما عرفت من أن الحق أولا وبالذات متعلق بعشر العين الموجودة عنده البالغة حد النصاب أو نصف عشره وقضية ذلك عدم تحقق الخروج عن العهدة إلا بإخراجه من عين النصاب ولكن ثبت بالنص والاجماع عدم ابتناء امر الزكاة على التضييق بل التوسعة والارفاق بالمالك بالرخصة في دفع المثل أو القيمة فلا يتحقق البراءة إلا بإخراج عشر العين البالغة حد النصاب أو مثله من جنسه أو قيمته فلا يجوز الاجتزاء بأقل من العشر أو نصف العشر إذا كان من جنسه إلا من باب القيمة إن جوزناه مطلقا ولو من جنسه ومن هنا يعلم أنه لو زاد بعد الجفاف عن مقدار الفريضة جاز للمالك المطالبة بزيادته إذ لا يجب عليه دفع أزيد مما وجب عليه كما هو واضح وقد ظهر أيضا إنه لو أراد إخراج الزكاة من غير النصاب ليس له الاجتزاء بما هو أدون من حقه بأن أخرج مقدار العشر من تمر آخر أدرء نعم لو كان النصاب بنفسه رديا جاز إخراج العشر منه أو من تمر آخر مثله في الرداءة ولو كان مجتمعا من أجناس مختلفة لم يجب إخراج زكاة المجموع من أجودها وهل يجوز الاخراج من الأردء أم يجب الاخراج من كل جنس بحسبه أو من الوسط وجوه أوجهها الثاني إن قلنا بالشركة الحقيقية كما أختاره في التذكرة
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»