مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٧٦
بينها وبين رأس المال لدى التحليل إلى إيجاب الزكاة في الشخص الخارجي الباقي عنده حين حول الحول الذي ملكه بعقد معاوضة بقصد الاكتساب عند التملك فهذا التعريف وإن لا يخلو من المسامحة بالنظر إلى ما يترائى من النصوص ولكنه لدى التحليل تعريف تحقيقي فليتأمل وربما يستدل أيضا للقول بكفاية النية بعموم رواية شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل شئ جر عليك المال فزكه وكل شئ ورثته أو وهب لك فأستقبل به وفيه ما لا يخفى فإنه لا يتحقق جر المال إلا بعد تحقق المعاملة وحصول الفعل فهو أخص من المال الذي تعلق به عمل التجارة هذا مع أن هذه الرواية لا تخلو من أجمال فيحتمل قويا أن يكون لفظ المال الوارد فيها بالرفع فيكون المقصود به بيان عدم اعتبار الحول في الشئ الذي يجر المال في الزائد على أصل المال الذي يعتبر فيه الحول كما ستعرف وموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال ليس على الرقيق زكاة يبتغي به التجارة فإنه من المال الذي يزكى وفيه أن المنساق من الرواية إرادة العبد المقصود بتملكه الاتجار لا الخدمة مثل ما يشتريه النخاس الذي عمله الاتجار بالرقيق مع أن سوق الرواية يشهد بكون أطلاقها مسوقا لبيان العقد السلبي فلا ظهور لها في إرادة الاطلاق بالنسبة إلى العقد الاثباتي كما لا يخفى على المتأمل وربما استدل له أيضا بالنبوي العامي الذي رواه أحمد بن سمرة أنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرج الصدقة مما يعد للبيع إذ بالنية يصير معدا للبيع هكذا قيل في تقريب الاستدلال وأجاب عنه في التذكرة بأنه ليس بجيد فإن النزاع وقع في أن المنوي هل هو معد للبيع أم لا والعجب من عبارة المعتبر المنقولة في الجواهر حيث أورد فيها هذه الرواية بجعل لفظ بالنية المذكور في كلام أحمد لدى تقريب الاستدلال من تتمة الرواية وجعله محلا للاستشهاد فنقلها هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرج الصدقة مما نعده للبيع بالنية وهو بحسب الظاهر اشتباه في النقل وكيف كان ففي الاستدلال به ما لا يخفى وقد تلخص مما ذكر أن المتجه اختصاص زكاة التجارة بالمال الذي تعلقت التجارة به بالفعل بأن بدل بما آخر بقصد الاكتساب فيكون المكلف بتزكية مالك ذلك المال المستعمل في التجارة والشئ المأمور بإخراج الزكاة منه لدى التحقيق هو بدل ذلك المال الذي صار مملوكا له بالتجارة فشرط تعلق الزكاة بما هو انتقاله إليه بمعاملة قصد بها الاكتساب فلو أنتقل إليه بميراث أو هبة أو نحوها ما لم يتجر به لم يزكه وأن نوى به الاكتساب من حين تملكه حتى فيما إذا كان ذلك المال متعلقا للتجارة عند المنتقل عنه كما إذا ورث ابن التاجر أموال تجارة أبيه ونوى الاتجار به إذ قد عرفت أنه لا يكفي فيه نية الاتجار به بل يعتبر فيه الفعلية وهذا الشخص لم تحرك هذا المال حتى يتنجز عليه التكليف بتزكيته وكذا لو ملكه للقنية أو الاهداء إلى الغير أو الصرف في مؤنته أو غير ذلك مما لا يتحقق معه قصد الاكتساب الذي يتوقف عليه مفهوم التجارة عرفا بل وكذا لو اشتراه للتجارة ثم نوى القنية قبل حول الحول ستعرف اشتراطها به وإما الشروط فثلاثة الأول النصاب وقد أدعى عليه إجماع المسلمين ويدل عليه مضافا إلى الاجماع الروايات الدالة على شرعية هذه الزكاة حيث أنها هي زكاة المال المتحرك في التجارة والمحفوظ ماليته في ضمن أبداله الذي يكون في الغالب من جنس النقدين فلا ينسبق إلى الذهن إلا إرادة زكاة الدينار أو الدرهم المستعمل في التجارة على حسب ما هي معهودة في الشريعة كما قد يؤمي إلى ذلك بل يشهد له خبر إسحاق عن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال قلت له تسعون ومأة درهم وتسعة عشر دينار أعليها في الزكاة شئ فقال إذا أجتمع الذهب والفضة فبلغ ذلك مأتي درهم ففيها الزكاة لان عين المال الدراهم وكل ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود ذلك إلى الدراهم في الزكاة والديات وعدم كون صدر الرواية معمولا به غير قادح في حجيته مع إمكان أن يكون المراد بالدينار والدرهم الذي وقع عنهما السؤال الدينار والدرهم الدائرين في المعاملة وكيف كان فما في ذيل الرواية من قوله عليه السلام وكل ما خلا الدراهم إلى آخره واضح الدلالة على المدعى فما في الحدائق من الاستشكال في اعتبار النصاب هنا مع اعترافه باتفاق الخاصة والعامة عليه نظرا إلى إطلاق الروايات الامرة بها في غير محله كما أن ما عن الشهيد الثاني في حواشي القواعد من الاستشكال في اعتبار النصاب الثاني حيث ذكر أنه لم يقف على دليل يدل على اعتبار النصاب الثاني هنا وأن العامة صرحوا باعتبار الأول خاصة أيضا في غير محله ولنا جاد سبطه في المدارك في الجواب عن ذلك بأن الدليل على اعتبار الأول هو بعينه الدليل على اعتبار الثاني والجمهور إنما لم يعتبروا النصاب الثاني هنا لعدم اعتبارهم له في زكاة النقدين كما ذكره في التذكرة إنتهى ولاجل ما ذكرناه من دلالة الاخبار على إن هذه الزكاة هي زكاة النقدين لم يستشكل أحد في مقدارهما من أنه ربع العشر وإلا فليس في رواياتها تصريح بذلك أيضا كما لا يخفى وقد ظهر بما ذكرناه من أن هذه الزكاة على ما يظهر من أدلتها هي زكاة المال المستعمل في التجارة باعتبار ماليته المتقومة بإبداله بشرائطها المقررة في الشريعة التي منها بلوغ النصاب أنه يعتبر وجودها أي النصاب في الحول كله فلو نقص عن النصاب في أثناء الحول ولو يوما سقط الاستحباب كما سقط الوجوب في زكاة النقدين وغيرهما مما أعتبر فيه النصاب والحول بلا خلاف فيه بيننا على الظاهر ولا إشكال بل عن ظاهر غير واحد الاجماع عليه قال في التذكرة تفريعا على اعتبار النصاب فلو نقص في الابتداء بأن يشتريه بأقل من نصاب ثم زاد السعر في أثناء الحول حتى بلغ نصابا أو نقص في الانتهاء بأن كان قد اشترى بنصاب ثم نقص السعر عند انتهاء الحول أو في الوسط بأن يشتري بنصاب ثم ينقص السعر في أثناء الحول ثم يرتفع السعر في آخره فلا زكاة عند علمائنا أجمع انتهى وقد نسب الخلاف فيه إلى بعض العامة فمن بعض منهم أنه أعتبر النصاب في أول الحول وآخره لا في وسطه وعن بعض آخر منهم أنه ينعقد الحول على ما دون النصاب فإن تم الحول وقد كمل النصاب وجبت الزكاة وقد ظهر ضعفهما بما مر ولو مضى عليه مدة يطلب فيها برأس المال البالغ نصابا ثم زاد زيادة تبلغ النصاب الثاني أو كان في الأول عفو تكملة كان حول الأصل من حين الابتياع وحول الزيادة من حين ظهورها والأولى ذكر هذه المسألة في فروع الشرط الثالث الذي هو مضي الحول وكيف كان فقد ذكر المصنف وغيره أن حول الزيادة من حين ظهورها ولا يبنى حولها على حول الأصل بل في الجواهر بلا خلاف أجده بين من تعرض له منا لمنافاته لما دل على اعتبار الحول ضرورة أن الزيادة مال مستقل بشمله ما دل على اعتبار الحول وإلغاء لما مضى من حول الأصل واستينافه للجميع من حين ظهور الربح مناف
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»